٢٧‏/١٢‏/٢٠٠٨

فطام

اليوم سيفطم عن كل ما اعتاده منها...كان بمجرد ان يبكي تأتيه متلهفة مضطربة...فور ان تحمله وتضمه الى حضنها يخفت بكاؤه قليلا...لكنه لا ينقطع الا بعد ان يلامس جلده دفء صدرها...يأخذ نفسا عميقا ليملأ صدره من عبقها...كم يشعره اختلاط انفاسهما الدافئة بالأمان...فور ان يلتقم ثديها تسكن حركته قليلا...يهن بصوت خافت يرق له القلب...تدرك بفطرتها ان طفلها يتابع حركة مقلتيها...وكم يزعجه ان لا يلتقيها في نظرة...تبتسم له وتبدا بمشاغلته...يبتسم بدوره لكل حركة منها..احيانا تعقد جبينها فيقلدها بعفوية...احيانا اخرى تحرك لسانها او تنفخ خديها مستمتعة بكل بسمة تولد على شفتيه....بعد فترة بسيطة تخور كل قواه..تسكن كل حركاته..وتسقط حلمتها من فمه...يغط في نوم دافء...كلما اضطرب نومه...تجده يضم شفتاه وكانه مازال ملتقما ثديها...


اليوم سيفطم عن كل هذا..."هو لايعلم سببا لذلك"..كلما اقترب منها دفعته بشدة وحزم...ازدياد بكائه لم يعد يعني لها شيئا...عليه ان يقبل "ببدائل جديدة"..حضن دافء من بعيد...طعام جديد مختلف...نوم من دون رضاعة...يقولون يوم واحد فقط يكفي لفطم طفل...وهذا ما حدث بالفعل...بعد كل بكاء الامس استيقظ في اليوم التالي ناسيا كل ما اعتاده منها...ادرك فقدانه وواقعه الجديد وتعامل معه...تعلم مع الايام كيف يعبر عن جوعه او حاجته للنوم بكلمات لا ببكاء...ما ادهشني انه تقبل كل هذا بين يوم وليلة.."أدرك " ""تعلم" "تغير"تعايش" واصبح اقوى..


فطامه لن يتوقف يقينا عن الرضاعة فقط...الايام ستفطمه عن ما هو اعظم...كل قدر سيمر به وكل حدث جلل بحياته وكل تجربة يعيشها معهم ...ستثبت له ان الحياة ليست بهده الوداعة والسلاسة...سيفطم عن مشاركة من يحب....يفطم عن البوح بما يسكنه..يفطم عن اي احتياج لهم او الشعور بالامان معهم...يفطم عن براءة سكنته يوما....


فطامك يجعلك تدرك الامور بواقعية وقوة...يجعلك "متقبلا"لتغير الاحوال.."بدائل جديدة"وعوالم اخرى"ستتكشف لك ان فطمت عن الاعتياد والاستكانة...بالفطام تستقل عنهم في كل امرك...تصبح انت سيد نفسك...


فطامك ليس اكثر من اقدار كتبت لتلقاها....البعض يتقبلها بين يوم وليلة...والبعض الاخر يعيش العمر ساخطا من قسوة الايام والبشر...


"ولتصنع على عيني"

"واصطنعتك لنفسي"

فطامك صنع الله لك.....



١١‏/١٢‏/٢٠٠٨

تجل يقيني

ما من شيء يثبت على حاله....لو حدث ذلك لصار العدم....كل شيء في فراق دائم..المولود يفارق الرحم...الانسان يفارق من دنيا
الى اخرة مجهولة بلا آخر...البصر يفارق العين الى المرئى...ثم يفارق المرئى الى البصر...الليل يفارق النهار...والنهار يفارق الليل...والساعة تفارق الساعة...والدهر يفارق الدهر...الذرة في فراق دائم عن الذرة...الجسد يعانق الجسد ثم يفارقه...تنبت الاوراق غضة خضراء...ثم تفارق الاغصان...الفكرة لا تلحق بالفكرة...والصورة لا تمكث في الذهن...يجيء شتاء ويجييء صيف...ثم ربيع ثم خريف...كل يفارق الى حين...كل في فراق دائم...الذات تفارق الذات...حتى الاشياء التي ظننا انها باقية ابدا...حتى الايام التي اعتقدنا انها لن تتبدل قط...ولن تتغير ولن تزول...كل شيء...كل شيء في فراق...كل شيء يتغير...كل شيء يتغير...فلنفهم!!!
كتاب التجليات.جمال الغيطاني

٠٥‏/١٢‏/٢٠٠٨

الفرصة

كنا في الثالث الابتدائي...مضت اسابيع من التدريب على العرض الرياضي...كانت السنة الاولى لمشاركة مدرستنا في مسابقة طلابية...العرض كان يتضمن ثلاث فقرات...يجمعها فكرة واحدة,هي الربط بين الحركة والتخيل بالحواس...


الفقرة الاولى كانت اكثر ما يمتعنا جميعا...نقوم فيها بتقليد حركات الحيوانات بالغاب...اغاني صفاء ابو السعود كانت خلفية لبعض الاجزاء من الفقرة كتقليدنا للعصفور والحصان...بينما الف وغنى الاستاذ "حسن" مدرس الالعاب بقية الاغاني بصوته كخلفيات لبقية الحيوانات....


اكثر ما امتعنا الجزءالمخصص للحصان والعصفور...كنا نتنافس فيما بيننا اينا يستطيع ان يكون الافضل...افضل جواد هو الاكثر سرعة واقداما وخفة...كل ماعلينا ان نقبض أكفنا وكأننا نمسك بلجام ثم نركض ...خطوتين على الارض والثالثة نقفزها في الهواء...العصافير كانت اجمل ما يرهف حسنا وحركتنا...بعد كل اقدام الحصان وجموحه ننقلب لرقة ووداعة ينفطر لها الحجر...


الفقرة الثانية كانت باستخدام الكرة...كل" صافرة" من المدرس تعني ان نؤدي حركة جديدة تختلف عن سابقتها..المهم ان لا تتوقف الكرة عن "التنطيط" وان لا تشرد منك اثناء تنقلك من حركة لاخرى....بعضنا نسي ترتيب الحركات يوم المسابقة... لكن الحضور لم يلحظ شيئا ...اعتقدوا ان العرض تضمن هذا الاختلاف.....


الفقرة الثالثة كانت ممتعة لنا ايضا...صوت عبد المنعم مدبولي كان خلفية لها ... كنا اكثر من مئة وخمسين طفلا نشكل قطارا واحدا...يجوب الصالة المغطاة في كل اركانها وجوانبها...اثناء تدريبنا لم يحدد المدرس طالبا معينا للقيادة...حتى اذا ما اقتربت المسابقة وجدناه يسال:

-مين يعرف يمشي القطر ده...بس ما يقطعهوش ولا يكلكعه


....كنت اتمنى قيادة القطار...فكرت للحظة...كيف ساقوده؟؟وكيف ساصنع تموجات تعجب الحضور؟؟ لكن صوتا صاح في اقل من لحظة, اضاع كل احلامي:

-انااااااا

كان صديقي يوسف هو من "بادر" بقول"انا"....اقتنص الفرصة لحظة ولادتها...فكانت له القيادة.....كان علينا ان نصيح مع مدبولي"توت توت توت" كلما رددها...في اول دقيقة كانت تهتز القاعة لصيحاتنا...لكن بطول الحركة والركض اختفت اصواتنا واكتفينا بالركض فقط دون صياح...حققت مدرستي المركز الثاني ....المركز الاول كان لمدرسة طالبات لعرض باليه..."لا مجال للمقارنة بين حيوانات الغاب وبين رقتهن وجمالهن"....


كلما شاهدت شريط العرض الى الان اسمع صدى "انا" من يوسف...


"الفرصة " تحتاج من يقتنصها بمبادرة ومجازفة وثقة...البعض تتضاعف مكاسبه لانه يستغل فرصه....قد يصل مكسبه لحياة ابدية في نعيم دائم كما فعل عكاشة "سبقك بها عكاشة"... سأله الجنة فكانت له...والبعض الاخر "يحتاج ليفكر".....


لك ان تسمع"الفرصة"بصوت منير...ستثريك يقينا...

كل عام وانتم بخير جميعا



٢٩‏/١١‏/٢٠٠٨

الأمراء

فور ان استلم مصروفي من خالي اتجه ركضا الى بقالة الأٌمراء...احاول ان تتباطأ خطواتي شيئا فشيئا قبل الوصول الى مدخلها... حتى اذا ما لامست قدماي عتبة البقالة اقف لبرهة...التقط فيها انفاسي بعمق واسبق بعيني الى الداخل ...ادخل البقالة في خوف ورغبة في التخفي عن كل شيء... كنت ابحث "عنها "في كل ركن وزاوية...احيانا كنت اعتقد انها تختبىء مني في مكان ما...كانت البقالة مكشوفة..ليست اكثر من مستطيل يِِِِرى جميع جوانبه وحوائطه....لكن بابا خلفيا يفتح على غرفة"خزين" صغيرة هو ما اثار شكوكي....


كم كنت اقف امام هذا الباب منتظرا ان تخرج من خلفه..قد يطول وقوفي امامه..لايفيقني سوى صوت البقال قائلا:

-عايز حاجة يابني....


اناوله النصف جنيه..وآخذ اول ما تلامسه يداي دون ان اختار...لا ادري كم طال وقوفي امام البقالة...ما اذكره انني احيانا كنت اخذ مصروفي من جدتي وخالي في اليوم الواحد اكثر من مرة...لا طمعا في الشراء...لكن سببا لدخول البقالة والبحث عنها...اذكر انني لم اترك وقتا من نهار او ليل الا وقمت "بكبسة"على البقالة تلهفا لرؤيتها...الى ان ادركت ما غاب عني...


كان الوقت ظهرا...حان موعد الغداء...استاخرني خالي وجدتي...وكالعادة ودون ان يعلم احد...كنت امام البقالة اراقب من الرصيف الاخر...مركزا كل نظري على باب غرفة "الخزين" لعلي ارى ظلها او طيفها...فاجاني صوت خالي يناديني...التفت اليه...كان مشدوها لوقفتي...

-واقف هنا ليه في الحر ده؟؟؟

-مستني ماما تطلع...

-ماما ايه اللي هيطلعها من هنا...

-مش قولتوا ماما سافرت "الإمراء"....انا واقف مستني اشوفها....

-يابني ماما سافرت "الإمارات" دي بلد تانية...ده "الأٌمراء".دي بقالة اسمها" الأٌمراء" مش" الإمارات".


لم ادرك ايا ماقاله خالي...كل ما اذكره اني سالته بحزم وضيق:.

-يعني ماما مش هنا..

-لا مش هنا...



لماذا استقرت هذه الصورة بداخلي....كلما اخذني الحنين لوالدتي اجدها تطفو من قاع الذكريات...اجدني اراقب ذلك الطفل من بعيد مشفقا عليه احيانا...ومبتسما له تارة اخرى....




٢٢‏/١١‏/٢٠٠٨

مقلديات:معايشة

" في تمام الثالثة فجرا ظلام دامس يحيط به .... يتلمس جسده ليتاكد انه مازال موجودا نابضا بالحياة... ظلام يلتهم كل شيء... انين الصمت يكاد ينسف عقله... تعلم من الليالي الماضية كيف يتحرك من غرفته باقل الخسائر الممكنة....يوميا وقبل ان ينام يرسم خريطة لتحركاته بالمنزل متجنبا كل ما يمكن ان يكسر تحت السواد...كل ما عليه فعله ان ينتظر الشروق.
قيظ اغسطس يوقظه بلا ماء او كهرباء يفكر قليلا ماذا لو نسفوا منزلهم هذه المرة؟......يبتسم قليلا...فهو يدرك ان الامر كله لم يكن اكثر من" معايشة"تطمئنه والدته انها احتفظت بكمية لا باس بها من المياه يمكنه ان يستخدمها ليتوضا ان اراد الصلاة يتجه الى مصدر صوتها وقبل ان يصلها يرتطم بجسم دافىء مندى كزهرة بيلسان من الجليل:
-سامحك الله ...اصبت وجهي يا ولدي
-لم ارك والدتي..اعتقدت انك ابعد....اللعنة على الظلام...اين شموع الامس؟؟؟
يجيبه والده انها نفدت ونسي ان يشتري غيرها...
يتجهان الى الحوض يضم كفاه معا... منتظرا الماء...يسمع خريره....يعلم انه اخطا مصب والدته...يحرك يداه دائريا بحثا عن اي قطرة ...يتوضا ويعود لغرفته يتحسس سجادة الصلاة بعد ان كان وضعها نهارا باتجاه القبلة متحسبا لليل... يجثو بركبتيه.... عليه الان ان يتاكد انه داخل اطارها تماما وفي اتجاه القبلة....يتحسس جسده ويتصور مكانه داخلها... بعد ان يتاكد من استقباله القبلة يقف ليصلي داعيا لهم....
كم يشعر بالضعف حيالهم... هو لم يعد يطيق صبرا... وهم يعيشون حاله شهورا.....هو يلزم عقله ان "يتخيل""يعايش" وهم يزفون للموت ارواحهم كل ليلة... "
تكرر الاسبوع الماضي حصار غزة لمرة اخرى...استدعى ذلك بداخلي ما كنت عرفته من ابراهيم مقلد* عن احد الاباء بمدينتي..كان ما وصفته ليلة من ليالي احد ابنائه....الوالد اراد ان يربي ابناءه على ما يعايشه اهل غزة...هو يفصل الكهرباء والماء عن شقته كل ليلة بموافقة ابنائه ليعايشوا اخوانهم خلف حدود رفح.... يستمر فصل الماء والكهرباء حتى طلوع الشمس ....
هو الان لم يعد يطلب منهم ان يقاطعوا او يتبرعوا او حتى ان يحملوا همهم ....اصبح اولاده يقومون بذلك تلقائيا بعد ليلة معايشة واحدة...اعتقد ان فكرته وتربيته ابداع حقا....
عندما رست سفينة كسر الحصار القبرصية شعرت بالعجز حقا...السفينة لم تكن من طرابلس صيدا اللاذقية او حتىالاسكندرية ...كانت من قبرص.....
مابين معايشة وكسر حصار يتحرك من حولي من كل عرق ولون ودين ....ومازلت اقف اتابع باهتمام واسى فقط...
ماذا عساي ان افعل؟
-----------------------------------------
*ابراهيم مقلد شيخ بمدينتي اسلامه لا يقف عند حدود العبادة او ينتهي بعد عتبة مسجده..اسلامه يمتد لكل حركة وهمسة...اسلامه منهج حضارة لا علاقة روحانية خاصة فقط.."مقلديات : معايشة" هكذا كان عنوان تدوينتي...من كثرة ما اعتمل في من حديثه...

١٥‏/١١‏/٢٠٠٨

بدايات

سبعة عشر عاما مضت من عمر شوبنهاور دون ان يكتب فيها كلمة....ألم به شيء من ياس وركود جف فيهما قلمه...بعد ان ظل اربعون عاما يكتب ويؤلف توقف فجأة بعد ان تملكه اليأس من أن ينال ما يستحق من تقدير...سبعة عشر عاما لم يكن يفعل خلالها شيئا سوى القراءة وتناول وجبات الطعام بالمطعم والتحديق صامتا بالساعات في تمثال بوذا على مكتبه.....

أيام طه حسين في الازهر كانت رتيبة ثقيلة الوطأة على نفسه....حتى انه عد اربعة اعوام قضاها باربعين سنة...كم* ضاق بهذا السأم الذي ملأ عليه حياته كلها واخذ عليه نفسه من جميع جوانبها...حياة مطردة متشابهةلا يجد فيها جديد...كان يفكر في ان امامه ثمانية اعوام اخرى سيعدها ثمانون عاما..وان عليه ان يختلف الى هذه الدروس كما تعود وان يسمع ذلك الكلام الذي لا يسيغه ولا يجد فيه غناء..

بين ركود شوبنهاور وسأم طه حسين من دراسته وحياته الرتيبة بالازهر وقفت لفترة..كانت ايامي ثقيلة..ليل طال زمنه وشمس غابت دون ان تعود...ايام خسرت فيها بعض ما اكتسبته... لكني أعلم يقينا ان باستطاعتي ان ابدا من جديد... مازال بداخي وميض قادر على بعثي..كل لحظة جديدة بحياتي تولد بقدر خاص بي...لماذا لا اقتنصها؟ أؤمن انني اذا مددت يدي للسماء دنت لي النجوم...الهي ينتظرني كل يوم وليلة باسطا يداه لي...لماذا لا اتلمس صراطه كما يريد مني ...

شوبنهاور استعاد حيويته فجاة ونشر مقالا فلسفيا ثم اصدر الجزء الثاني من مجلده"العالم ارادة وفكر" فاذا بالاوساط العلمية تلتفت اليه وتضع على راسه اكاليل المجد...واذا بالشهرة تفاجئه وهو يقترب من سن السبعين...لكنه بدا من جديد حتى ولو بعد السبعين,وطه حسين ادرك عوالم لم يعرفها...وعلوم لم يسمعها بعد التحاقه بالجامعة...بداية جديدة وطريق جديد فيما يحب جعل حياته اكثر ابداعا وشغفا لما يتعلم ويدرس...بداية نقشت اسمه على صفحة الزمان....

ماذا عني؟؟ ان بدات من جديد ماذا يتنظرني؟
أشتاق لأعرف...
-----------------------------------------------------------------------


*بداية من "كم"الى نهاية الفقرة من كتاب الايام

٠١‏/١١‏/٢٠٠٨

عشرة قروش....


نظر اليهم , دقق قليلا في ملامحهم, كانه يراهم لاول مرة,اتجه نحوها:
-اعتقد ان هذه اكثرهم جمالا.
-قد نجني من جمالها تبرعات اكثر.
-اذا اعتمدها ليتم تصويرها غدا من قبل حملة الدعاية للملجأ.
انطلقت تركض في ارجاء الملجأ تعلن لصديقاتها انه سيتم تصويرها, غبطها البعض , بينما حاول الاخرون ان يودعوها:
-غدا يصورونكي وتتركي هذه المقابر
-قالوا انها للتبرعات فقط.
-قد ينشروا صورك ويطلب احدهم تبنيك ...
سافرت بخيالها الى عالم لم تره من قبل ...كان جل حلمها ان تترك الملجأ لم يجل بعقلها الصغير مع من ستعيش ....كيف ستعامل...اسيحبوها؟؟ يودوها؟؟؟ ام مجرد عطف وشفقة؟؟؟؟ كل ما وصلت اليه انه مكان اخر.........مكان اخر خارج هذه الاسوار.

في المساء طارت كفراشة من عنبر لاخر,حاولت جاهدة ان تمضي السويعات قبل التصوير بأمان,كيف ستقف امام الكاميرا .... وكيف سيداعب الفلاش عيناها.....أسيؤذيها بوميضه....أم تلمع به دانتيها الزرقاوتين.....أسيطلب منها المصور ان تبتسم .....تبكي ....تتصنم في مكانها ...ام سيطلب منها ان تدمع عيناها؟؟؟؟ اين ستصور؟ بين سرائر عنبرها ام بين زهور حديقتها؟ماذا لو اخذت دميتها وصوروها بها.....تتذكر انها اصبحت دمية بلا أطراف ..تزعجها الفكرة....

اسدل الليل ثوبه المخملي على السماء....ساعة ويدق جرس النوم ........تعود وترسم صورتها فوق سريرها ...لكن اين ستخفي غطاء سريرها الذي لم يتبق منها سوى اطاره الخارجي....كيف ستصور على سرير عار؟ماذا لو اخفته؟يبدا القلق يعصف بعقلها ...
ماذا قد ترتدي؟؟اترتدي بنطالها المرقع المهتك على قميصها وحيد الكم......ام ترتدي فستانها المسدل امامها لامتار كجلباب عم حسين حارس الدار....كيف سيصور كفاها الصغيرتان ان ارتدته....؟ أسيرتعد من ذلك الشبح الصغير؟؟تتخيل صورها ....تبتسم قليلا..... ثم تمضي في الملجأ....
تتذكر صديقتها اسماء...ماذا لو منحتها اسماء غطاء سريرها لليلة واحدة فقط...حتى اذا ما صورها ردته لها,لكن المشرفين قد أطفأوا الانوار...واسماء في العنبر الموازي لها....

-أسماء...اسماء
نعم, سملى....
-غدا سيصوروني ويتبناني احدهم......
-حقا؟؟
-نعم...قال المدير انني اكثرهن جمالا....
-سلمى...لاتنسيني بهد ان تخرجي...تعالي انتي وتبنيني...
-لن انساك....ساتبناك في اليوم التالي لخروجي,كم احلم ان نخرج سويا خلف هذه الاسوار...اسماء...هل لي بغطاء سريرك؟؟؟؟
-لماذا؟؟؟
-قد يصورني على سريري,واود ان اتصور مع غطائك....ساخذه لليلة فقط
-حاضر ...لكن احضري الكرسي الخشبي من عنبرك وقفي عليه...وساناولك اياه من النافذة العلوية....بين عنبرنا....
-حاضر

ركضت الى الكرسي الخشبي...حملته بكل قوتها...وانى لها ان تحمله وهي بنت الثمانية اعوام....لكنها كلما تذكرت فلاش الكاميرا تزداد قوة, ألصقته بالجدار ووقفت عليه,حاولت ان تصل الى النافذة لكن لم تستطع....فكرت قليلا.....لماذا لاتقف على ظهر الكرسي برجل واحدة...تثبت رجليها...تصعد برجل واحدة أولا لتجربه...اهتز بعض الشيء....لكنها تشاهد غطاء سلمى امامها....تحاول ثانية...تندفع اكثر....رجل على ظهر الكرسي...والاخرى تدفعها....ارتدت بعد ان لمسة غطاء سلمى....
انتظرت لبرهة....استجمعت كل قواها واحلامها....ثم همت ان تقفز....كانت قفزتها اكبر من كرسيها الصغير...تماما كما احلامها....تسقط على جبهتها الصغيرة...مخلفة كدمة اكلت وجهها وشيء من عينيها.....
هرولت باكية للمربية ,ضمتها بدفء لحضنها بشدة واخذت تبرد كدمتها :
-وصورتي غدا
-لا تقلقي عشرة قروش فقط تربطيها على كدماتك وتختفي
-الديك عشرة قروش؟؟
حاولت مربيتها جاهدة ان تجد لها العشرة قروش لكن دون فائدة:
-ابحثي مع احدهم قد تجدي

طافت العنابر تسال صديقاتها العشرة قروش لكن انى لهم وهم لم يجاوزا اسوار الملجأ.قضت الليل بكاء على سريرها وكم تمنت ان يطول الزمن ولا تاتي ساعة التصوير .
ياتي الصباح تنهض من سريرها وتقف على باب الملجا ...اخذت تسال الداخلين من مربيين ومشرفين واداريين العشرة قروش:
-عشرة قروش...عشرة قروش...
لكن احدا لم يلحظ وجودها....لاحركة ولا صوتا ولا حتى ظلا.....دخل الملجا رجل لم تره من قبل ركضت اليه ووقفت امامه:
-عشرة قروش....اريد عشرة قروش....
نظر اليها حاول تجاوزها واختفى بين الحجرات....
لحظات وتاتيها المربية الى البوابة...ادخلتها حجرة المدير,ووجدت ذلك الرجل,همت ان تساله العشرة قروش,لكنها ارتعدت من نظراتهم اليها:
-هذه؟؟؟
-نعم
انحنى الرجل الى اذنه وهمس بصوت خافت ...
-هذه من ساصورها للدعاية؟؟؟؟
-نعم
-دعاية لملجا ام لدار احدات؟؟؟
نظرت اليهم ولم تعلم من هو بعد...ادار ظهره وترك الحجرة.....لحقته الى البوابة....وصاحت:
-اريد عشرة قروش.....عشرة قروش فقط....
ادار لها وجهه ورمى لها العشرة قروش.....اخذتها وركضت الى المربية:
-هكذا يبقى ان ياتي المصور وارحل خلف هذه الاسوار......
ساترك القصة لمدة اسبوعين...دمتم بخير

١٨‏/١٠‏/٢٠٠٨

ركود

وقف على حافة البحيرة....تأمل صفوها وسكونها...نسمة رقيقة داعبت سطحها خلقت امواجا مضطربة على استحياء...على حافتها وبين صخورها لا حظ اخضرارا داكنا....اقترب منه وانحنى له ثم لامسه بانامله....ليجده خضار هلامي لزج لا يجدي نفعا....في عمقها يكمن اصل الحياة ...لكنها لا تسمح له بمغادرتها...


تامل رحلة قطرة مطر من سحاب معلق بشموخ وعظمة لسطح البحيرة....ارتطام القطرة بسطحها يدق جرس وصولها...ارتطام قاس مدمر تضيع به ملامحها...سطحها يعكس غليانا لاستقبالها ضيفا جديدا ...كان ظلا يوما او حياة لغيره...الان اصبح مصير قطرة المطر مشابه لاخواتها....عليها ان تشاركهم لحن الصمت والسكون ...او ان تكون جزءا من طحالبها..


امسك بصخرة صغيرة وقذفها بكل قوته...لتستقر في منتصفها...تامل ما اثارته صخرة صغيرة من دوامات وارتجاج...تعجب كيف عادت لصمتها بعد هول صدمتها...تساءل كم ابتلعت من صخور؟؟ كم يسكن قاعها من صخور الاخرين؟؟؟ تعجب كيف يسكنها ويحيط بها الموت مع ما تحمله من حياة؟؟

تذكر كم كان يكره هدير الماء على ضفة نهره....ادرك ان النهر كان حياة لغيره....يحمل كل قطرة ماء من نبع او مطر ليبعث بها اخر....لا تستقر قطرة فيه على حالها...يغير مجراه ويتجدد كل لحظة...منحه يستوعب كل حاجة...يصل بعطائه لهم جميعا....لا تقهر الرياح مجراه او تغيره...كل قطرة يحملها نبض حياة لاخر....لاشيء فيه الى العدم...صخورهم يقهرها بحركته وعنفوانه....يكلل مجراه كل لون وعبق يبهج نفوسهم...عطاؤه يمنحه جمالا وبهاء....مجرى النهر واستيعابه لهم يحييه ويحييهم.....

كم عايش منهم انهارا وبحيرات....مضى ومازال يسأل...الى ايهما ينتمي؟؟

عساه يكون نهرا.......
*******************************
********************
**********
تحديث:
وصف نور للبحيرة او للنهر ليس ماديا فقط....
انما قصد به ان يعمم الصورة على من عايشهم من اشخاص بحيرات كانوا او انهار......
البحيرة تعكس شخصا منغلقا انانيا لاتتجاوز افكاره حدود نفسه ....عطاؤه مقتصر على نفسه ....مع ما يحمله من روح باستطاعتها وهب الحياة لاخر بمجرد العطاء
انغلاقه سبب في احياء بعض الامراض"الطحالب" بداخله....يسقيها من نفسه ومن روحه مع كونها عديمة الفائدة سوى كونها طحالب"امراض"
هو ايضا يرفض اي خير من اي روح"قطرة مطر"اخرى
يهضمها بداخله ويصيرها جنديا في مملكة نفسه فقط"قطرة المطر بعد وصولها للبحيرة وارتطامها" "تضيع بها ملامحها"
يرفض اي عطاء من اخر اعتقادا انه لا يحتاجه....لايسمح له بمغادرة حدود نفسه لاخر يحتاجه.....
"ضخور الاخرين"تعكس تعاملاته مع غيره....قد يتضرر كثيرا منهم....لكن كونه لا يستطيع ان يتجاوز حدود نفسه
فهو يمرر كل اذية وكل خطا منهم تحت ستار من الصمت .....لكن بنفس تحمل كل الكراهية والاحقاد"كم يسكن قاعها من ضخور الاخرين"
النهر على النقيض تماما....
النهر يعكس شخضا معطاء يتجاوز نفسه لهم
عطاؤه يحييه ويزده جمالا وبهاء...
يتقبل عطاء غيره له ويوصله لاخر ايضا يحتاجه
"صخور الاخرين"لاتعني له شيئا
شخص يتجدد كل لحظة بتجاوزه لحدود نفسه....
اتمنى ان تقرا تدوينتي مرة اخرى بعد ما وضحت لك....نور اعتقد ان المعنى واضح في جملة"كم عايش منهم انهارا وبحيرات...عساه يكون نهرا"
اعتذر عن الرمز..لكن احببت فقط ان يكون التعبير كما رايت.....شاركني اي معنى اخر وصلك....
لك ان تقرا تدوينتي بالصورتين...حسية كانت او رمزية.....
تحياتي

أنفاسهم

عندما علمت والدتي بمرض جدتي لم تتمالك نفسها.....اتصالات واسئلة بلهفة وشوق عن حالتها...احيانا كثيرة كانت لا تتمالك دموعها....تجهش بالبكاء بعد صبر طويل ومحاولات مضنية لتخفي أي خوف أو حزن عني....نادرا ما أدمعت مقلتيها أمامي....هي تحتويني بقوة وشموخ....

حقيقة تعجبت لقلقها وخوفها....في اجازات والدتي الصيفية بمصر قد لا تزور جدتي اكثر من مرتين فقط....مرة فور وصولها واخرى عند سفرها.....كلما تصورت حياتها بدون جدتي لا أجد اختلافا كبيرا....ستفتقد والدتي زيارتين فقط..... قد لا تستحق زيارتين كل هذا الاحتراق والخوف.....الان تخشى والدتي زنين هاتفها....كلما اتصلت بها لاي سبب يكون صوتها في البداية مضطربا يسكنه الفزع.....رنين هاتفها يسلبها روحها في كل مرة.....

في عامي الجامعي الاول بمصر...وبعد سفر والدتي للعمل....كنت افتقد الكثير.....أحيانا كثيرة لم استطع ان احدد ما أفتقده....كل صباح يتملكني شعور بالخواء النفسي رهيب....أحاول ان اقضي عليه بأي أفكار ايجابية....او ان اتجاهله باي عمل يسعدني....كنت افتقد شعورا بالامان والاستقرار لا ادرك سببه.....كل ما ادركته أنه علي ان اغادر منزلي بسرعة...بعد خطوتين فقط من عتبة منزلي....اجد انني اصبحت اكثر استقرارا وامنا....الان اصبحت اغادر منزلي صباحا بعشرة دقائق فقط

أيامي مع والدتي كانت تبدا بحضن دافىء....وبقبلتين على وجنتي....كنت اضمن استقرارا وامنا لا ينضب طوال يوم مدرسي...."صباح الخير"كلمتين اعتدت سماعهما من والدتي كل صباح...لم انتظرهما يوما....وربما لم اشعر بهما حينها....لكني لم اعتقد اني قد افقتدهما هكذا...أو انهما تاصلا في نفسي بهذا العمق......

عندما حاولت ان اذكر والدتي بسنة الله في كونه وانها في النهاية اقدار نلاقيها......جاءني جوابها يلخص كل شيء...."يابني محتاجة وجودها".....الان ادركت الكثير......

بعض من نعرف لا نحتاجهم لينجزوا لنا شيئا بالحياة او ليحملوا بعض مسؤولياتنا ؟؟؟؟؟لا نحتاجهم لاننا ضعفاء او لانهم سبب في قوتنا....لا يربطنا بهم زيارتين كل صيف او كلمتين كل صباح...وجودهم ومعرفتنا بوجودهم يجعل عالمنا اكثر امانا ودفئا..... بعض البشر يكون كل عطاؤهم بوجودهم....مجرد وجودهم بحياتنا يعطينا الكثير...تستوحش الحياة بغيابهم....عرشهم بنفوسنا يمد اوصالنا راحة وامنا...انفساهم سبب لحياتهم وعبقها قرة عين لنا....

أحتاج أنفاسهم فقط......






٢٠‏/٠٩‏/٢٠٠٨

دعوة افطار


هم لا يعرفون من نور سوى صوته...مع ذلك يصرون على دعوته للافطار......صديقه مازال يلح عليه ليلبي دعوتهم......مشاعر الخوف والقلق كانت مسيطرة على كيانه لفترة....يخشى كثيرا ان يكشف وهج نورهم ما نبت يوما في الظلام.....كيف يتجه وحيدا لقرية لا يعرفها ليخالط من لا يعرفوه....آمن مسبقا انه لاشيء يدوم....كل العلاقات مصيرها العدم.....لماذا يتكلف عناء البداية لما ينتهي.......ان كان صديقه-مدخله لهم-قد فارقه لسفر....فكيف يصل هو أهله...كيف يحادثهم بشموخ وثقة وهو يعلم بدايته معه......

في طريقه اليهم كان مطمئنا راضيا بكل ما وصل له......سعيد انه استطاع ان يقهر ظلمه لمحبة ورحمة.....ايامه معه كانت ترافقه دربه وخطواته....شعور بالوحدة والوصل تملكه....يستشعر وصله وان تباعدت المسافات....يجده قبل ان يحتاجه....يراه وينفذ اليه وان احجبت الرؤى....لكنه يتحرك وسط كل هذا وحيدا بجسده بينهم....كلما دنا من قريته ازداد يقينا هدوءا وأمان.....

فور مصافحته لوالدة صديقه ادرك صلة من عمر الزمان......معلقة به وتجذبه لها.....ايقن ان بعض علاقاته تنمو فيه دون ان يدركها....هم سكنوه مع اول انفاسه دون علمه وبرضاه......حديث نور مع والدته لم يكن لينتهي عند نقطة.....شوق وحنين وسؤال عن الاحوال بلهفة....رغبة ملحة منها لتقر عينها بسعادة نور ورضاه......

صلاة نور للعصر في غرفة صديقه كانت شيئا اخر...ربما لم يصلي بعمره صلاة بهكذا تركيز واستحضار....يستشعر لاول مرة استماع الله لكلماته...يستحضر رؤية الله له وهو يصلي بغرفته....يفكر مليا في معنى ذلك......ومضات من ماضيه كانت تضيء نفسه كل لحظة....كلما تذكر صديقه ازداد خبوتا...كيف صيرت الايام خوفه وقلقله لمحبة وثقة لا يدركها الى الان.......ظلام غرفته ذكره بظلمات عاشها من قبل....ايقن ان ظلم الماضي بظلامه اصبح نورا يضيء في قلوب شتى.....

افطار نور معهم لاتصفه الكلمات.....كل ما يحيطه يقطر محبة .....كان كل همه في صلاة التراويح ان يتفرس كل وجه وكل همهمة...لايعلم عن ماذا كان يبحث.....ربما فضول ليتعرف على بيئة صديقه...او رغبة ملحة في اكتشاف من آذاه يوما وكان سببا في لقائه به.......أدرك حينها كم كان قاسيا عليه.....دائما ما كان يتهمه بالسذاجة...الطيبة.....احيانا اخرى يلومه لسوء تعبيره او قلة لباقته.....الان فقط ادرك ان صديقه مع كل ما عاشه قد فاقه ثباتا ولباقة وخبرة.....

دعوة للمبيت من والدته ادخلت في قلبه شعور بالامان والمحبة لا يوصف......ايقن الان انه يمتلك منزلا اخر....وبيتا اخر ....لقلب اخر ينتظره..... الان ادرك معنى تبسمه له في رؤى كثيرة له ...في درب عودته لم يؤمن نور انها كانت دعوة افطار فقط......ما بذره يوما كان للحياة...لم يكن للعدم....الخير لا يفنى ولا يعدم....هي لم تكن دعوة بقدر ما كانت بشرى قبول ورضا ....صوت منير اثر ان يرافقه درب عودته...شيء ما جعل كلماته لا تكف عن التكرار بداخله.....

بنتولد...طاهرين
بنتولد...شبعانين
بنتولد...متلهفين على صدر ا م وكتف اب مرتاحين
بنتولد...دافيين
بنتولد...مش خايفين
بنتولد...مش عارفين واسمنا في درب الحياة بني ادمين
بنتولد...دافيانين
بنتولد...صافيين
بنتولد...صادقين...كما زرعة خضرة في ارض طين
زرعة حصادها حصاد عمر السنين
الحلو ...والمر...والطيب والحزين....
نكبر وتكبر فينا اعمار السنين....
ونكره السنين
وتكرهنا السنين...
ونجرح البشر...
ونجرح نفسنا مع اننااااا
بنتولد...طاهرين
بنتولد...شبعاني
نعود لنتواصل السبت18/10
عيدكم مبارك مقدما
تحياتي

١٣‏/٠٩‏/٢٠٠٨

عمر

التعاطف هو أول ماسيطر علي عندما رأيت عمر......فتى يعاني من اعاقة ذهنية تجعل أصغر حركة هما كبيرا وعملا عظيما......يداه لا تكفان عن الاهتزاز.....خطواته تشعرك انه يحرك أركان كون بأكمله...يحمل أطرافه حملا ليخطو بها خطوة او خطوتين .....تناسق حركاته يساوي العدم....كل مفصل في جسده يتحرك عكس الاخر....أشفق عليه كثيرا ان أراد ان يدير وجهه أو يمد يده لسلام او تحية.....


ضحكة عمر كانت اول ما ادركت منه....."نكتة " ألقاها شيخ جعلت قهقهته تطغى على الاصوات كلها....ضحكة عمر كانت رد فعل لابتساماتنا....اكثر ما لفت انتباهي هو اصراره على مصافحة الشيخ...معظم من اعرف يصافحه ويساله عن احواله....ليجيبهم بابتسامة وضحكات تتفلت بعد جهد عظيم.......وهمهمة تنتظرها برهة حتى تولد تحت اضطراب الحركة والتشنج......


عمر يصلي التراويح في مسجد يقرأ فيه جزء كل ليلة...هو لايستطيع ان ينهض من السجود ليأتي بركعة ثانية....يرفع يداه ليتلمس يد والده...حتى اذا ما قبضها بشدة يجذبه والده لأعلى آتيا بركعة اخرى.........مشاعر التعاطف لم يعد لها مكان بقلبي له بعد الان.....


فتى ضمن الجنة بابتلائه يسبقني بعبادته......كم ركعة صلاها عمر واعاقتني عنها نفسي وارادتي؟؟ كم خطوة خطاها عمر الى المسجد واعاقني عنها عقلي وقدرتي...... الان ادركت حقيقة الاشياء....نعمتي قد تكون اعاقة واعاقته قد تكون نعمة........الان آمنت اكثر بالخبير.... الحكيم.... الرحيم ....العليم....... الان ادركت معانيها.......

عمر اصبح ملهما لي ....كم احترم والده واقدره....لم يترك ابنه لينبت في الظلام بين التعاطف والازدراء.....لم يؤده حيا تحت رمال الخجل والازدراء.....احياه وبعثه..... واخذ بيده لصلاة او درس علم ....والده اصبح عقله وادراكه.....اصبح ملهما لكل من يمر بابتلائه.....يجذب ولده للاعلى وهو يعلم انه للجنة....ولن تفرق كثيرا عبادته من عدمها....يصبر على ما ابتلي ويحقق الأفضل لولده...كم من سوي صاحب عقل وارادة في انتظار تلك اليد لتجذبه لأعلى.........ربما احتجتها يوما و لم اجدها............




عمر...... بكم خطوة تسبقني للجنة؟؟؟؟








٣٠‏/٠٨‏/٢٠٠٨

عدل ام محبة...كلاهما خير...

نتيجة عامي الدراسي اعلنت الاسبوع الماضي.....حقيقة لم اوفق فيها اطلاقا..."بداية جديدةلتزمت"بها "ماستطعت" خلال الاشهر الماضية تدويني كان بداية لاسترجاع بعض المعاني والقيم افتقدتها تحت فترة ركود او خمول دامت كثيرا......بعض تدويناتي مثل "قطرة ماء"كانت لي بالاساس ....اقراها كلما اصابني الخمول ...عندما علمت نتيجتي تملكني الغضب ليوم واحد فقط.....لكن بتامل بسيط وجدت"ان الله لايضيع اجرمن احسن عملا"....محال ان اكون انجزت المفروض مني ثم اقابل بالفشل....أؤمن اني لم اؤدي ما علي كما ينبغي....الهي عدل رحيم...





اؤمن كثيرا ان ديني لاينتهي على عتبة المسجد....اسلامي يمتد لكل عمل وكل همسة "ان الله كتب الاحسان في كل شيء"...اسلامي احسان لم احقق منه شيء....اعتقد لم احسن كما ينبغي.....احتاج"توبة" بخصوص دراستي....علي ان اهتم اكثر...حتى وان لم استمتع بها كما اتمنى...أؤمن انه لا عذر......كل ما علي ان أبدأ من جديد مرة اخرى.....متعة الاسلام انه يمنحك بداية مع كل نفس جديد...هذا ما احتاجه...








احيانا اخرى اعتقد بالاتي:"ان الله اذا احب عبدا ابتلاه" ...قد يكون فشلي دليل محبة؟؟؟ اصدقك القول لا اعتقد ذلك الا ارضاء لنفسي... لكن لا اصدقه اطلاقا.....





حقيقة استمتعت الفترة الماضية باسلوب حياة جديد....يلهمني حقا....متعة ما عشته تجعلني اقف شامخا منتظرا ما يحمله لي الغد ....مازلت قادرا على تحقيق ما اريد....اؤمن بالاسباب...لاشيء يحدث اعتباطا.....علي فقط ان اعمل ماينبغي...ان "التزم"ببداية جديدة مرة اخرى....باحسان واتقان اكثر....سعيد اني حاولت...الهي عدل تواب....


رمضان على الابواب....يقينا يحمل بين نفحاته لي خيرا كثيرا......كل عام وانت بخير....سعيد بكل ما وصلت له....سعيد بتدوينتي كثيرا....دمت بالف خير......


٢٣‏/٠٨‏/٢٠٠٨

حالة


ابو حامد الغزالي كان يقول "امهات الاخلاق واصولها اربعة":

الحكمة
الشجاعة
العفة
العدل

ثم شرح مراده من الحكمة:حالة للنفس بها تدرك الصواب والخطا,العدل :حالة للنفس بها تسوس الغضب واراد بالشجاعة:حالة للنفس تكن قوة الغضب منقادة للعقل في اقدامها واحجامها........

حقيقة عندما قرات تعريفه لكل صفة لم يستوقفني سوى كلمة"حالة" .....صفة مثل الشجاعة والحكمة من البديهي ان تكون صفات راسخة ثابتة ليست مجرد حالة.......حالة للنفس تعني ان كل شيء من الممكن ان يتغير بلحظة ......كثيرا ما اركن لبعض الصفات التي اظنها ثابتة راسخة ...لكن بمرور الايام وبكثرة التلاهي اجدني افقد صفة حميدة كنت املكها يوما واعتقدت انها اصل ثابت لايزال او يمحى.......اجدها استبدلت ببعض صفات اخرى اعتقدت اني محال ان اكونها او اعيشها يوما.....
الانسان حياته وتصرفاته ومشاعره ليست سوى حالة...... عندما قرات حديث "لايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" لم افهم حقيقة انتفاء الايمان...لكن بعد ان ايقنت ان الايمان ايضا "حالة" تترجم لسلوك قويم وسمو للروح.... اذا السارق وهو يسرق لم يكن" بحالة "ايمانية اطلاقا ... ....حديث سيد الاستغفار ايضا يحمل نفس المعنى ..تجده في جملة " وانا على عهدك ووعدك ماستطعت" كلمة ماستطعت تجعلني ادرك ان التزامي بالعهد والوعد قد لا يدوم........يعتمد على اجتهادي
اصبحت اكثر مرونة من ذي قبل بعد ان تفهمت "الحالة" كثيرا ما كنت انصب المحاكم لاصدقائي او لمن لهم قيمة بحياتي.... لتكون اي هفوة او خطا صعب ان يمحى او ان اتجاوزه......الان ادركت معنى ان تلتمس لاخيك سبعين عذرا....
كل جزء بحياتنا ليس سوى حالة ....
الانسان:
معلق بين العمل والراحة
معلق بين الالهية والبهيمية
معلق يتردد بين ايثار عقله او بدنه
يولد ولكن ليموت ويعلم ولكن ليخطىء
يختلط امره في فوضى من الفكر والشهوة
مخلوقا نصفه ليرتفع ونصفه لينحدر
سيدا لجميع الاشياء وفريسة لها جميعا......."الكسندر بوب"
كوننا جميعا نعيش "حالة" من الشجاعة او الكرم او العدل والمحبة او حتى الابداع يجعل فرصنا جميعا متساوية للحصول على اي خلق نرتضيه لنا, يكفي فقط ان تحاول ان تضع نفسك برياضة نفسية وذهنية-جهاد للنفس- في "حالة كرم" او "حالة شجاعة" او "حالة ابداع" تكن نابعة من اعتقادك بان ربك يجازيك خيرا عن تهذيبك لنفسك......فرص البشر جميعا متساوية لنيل او فقد ايا من الصفات الحميدة الامر كله يتوقف على "ماستطعت"....فقط راقب حالتك....ان كنت تملك ايضا صفة لاترضاها لنفسك فاعلم انها "حالة"طالت ايامها بك...باستطاعتك ان تستبدلها بحالة اخرى...وان وجدت انك باحسن "حال" فانتظر الاخر ليصبح مثلك...قد تكون حالته الان سيئة لكن يقينا اصله خير...رفقا به وبك....
"جددوا ايمانكم فان الايمان يبلى كما يبلى الثوب"
"وسع ربك كل شيء رحمة وعلما"

١٦‏/٠٨‏/٢٠٠٨

خارج السرب

معظم من اعرفهم اصبحوا شخصا واحدا باهتا لا يحمل اي ملامح...الشباب في اغلبهم يمتلكون نفس الصفات ....الطباع ....المفردات...كتل متشابهة تتحرك من حولك ...تجعلك لاتدرك من كنت تحادث...او عن ماذا كان حديثكما....صور منسوخة عن بعضها تجعل الحياة اكثر رتابة..قوالب تفرغ نموذجا واحدا فقط..يكفي اي يحتويك قالب..او ان تلملم نفسك قهرا داخل احداها, لتصبح واحدا منهم..بنفس الاهتمامات..والانفعالات ...وحتى الآراء....قالبهم هو جواز مرورك لهم...



جمال حمدان ان لم يصر على اختلافه....واعتزل الحياة الثقافية والجامعية...عاكفا على تفرس كل ملمح في معشوقته ...لما ابدع موسوعته "شخصية مصر" التي القت بظلالها على كل من الحياة الثقافية والجامعية...مبدعا اسلوبا جديدا في ربط الافكار البسيطة والتفاصيل الصغيرة بحقائق اكبر لتصبح اكثر عمقا
وتاثيرا....اختلاف حمدان كان زهدا في عمله كاستاذ جامعي... وعزلة عن الحياة الثقافية.. واسلوب بحث فريد مبدع....لم يرضخ لاي من قوالب الجامعة او الثقافة .....ولم يسعى لبحث نمطي مكرر عن مصر....





ابوتريكة ابدع اختلافا اصيلا ميزه عن غيره....الرجل يتحدث عن بلدته, وعن سعيه لرضا "الحاجة " ,وعن عمله في البناء دون اي حرج....هو يعلم جيدا ان الرزق بالسعي...لذا التزم بكل تدريباته فجرا طالما ارتضى عقدا مع ناديه... يدعو لدينه بخلق بسيط متواضع ....او باعلان تضامنه مع غزة... واهتمامه بقضية أمته...سجدة واحدة من ابو تريكة تدخل ايمانا في الاف القلوب.....



أعلم يقينا ان وطني قادر على هضم اي مختلف بداخله...الاستعمار لم يغير شيئا في موروثنا الثقافي الا اللمم...المغرب العربي ان قارنته بنا تشعر انهم استقلوا بالامس فقط...المصريون قادرون على هضم اي غريب واخفاء ملامحه تماما...ليس سهلا ان تملك اسلوب حياة يمتعك هنا ....او ان تحقق "اختلافا" يرضيك ..





جمال حمدان حقق فقط ما يمتعه...عاش كما يحب...اعتزل ما اعتقد انه يغتال ابداعه ويقتل وقته... بالطبع صبر كثيرا....وربما شعر بالوحدة احيانا...لكنه لم يختلف للاختلاف...انما عاش لما يريده ويرضيه.....ابو تريكة ايضا اختلف لما يريد.....لم تحتويه قوالب لاعبي الكرة ببلدي...ليصبح ملهما لكل شاب يأمل في غد افضل لأمته ..... نموذجا لمسلم يحيى برحابة خلق ورقي وحضارة ....يحمل هم أمته....حمدان اصبح ملهما لعبدالوهاب المسيري...اعتزل الاخير حياته الجامعية وسار على خطوات حمدان في بحثه الابداعي ...لينجز موسوعته"اليهود واليهودية والصهيونية"

اختلافهم كان الهاما....





بهدوء:

اختلافك ان تعيش ما تحب...
ان تبدع ما تتقن....
ان تتميز بما تحمله من ابتكار او صفات...
اصنع لنفسك اسلوب حياة ترتضيه...وحاول ان تحققه طالما يسعدك..تحرر من قوالبهم....ربما تلهم يوما اخرا مثلك...

٠٩‏/٠٨‏/٢٠٠٨

مرايا

قد يحمل صديقي الكثير من ملامح الوسامة والجمال لكن شعورا بداخلي يجعلني اوقن انه لا يملك سوى "ملامح جميلة فقط".....ابتسامته الفاتنة...نظرته... كل تفاصيله ليست اكثر من صورة جميلة لانسان يخفي الكثير خلف ملامح جميلة....كثيرا ما ننهي مقابلة احدهم بكلمة واحدة فقط"لم ارتح له"......بعض من نمر بهم في الحياة يتركون اثرا كبيرا بداخلنا مع كون ملامحهم بسيطة هادئة... وقد تكون منفرة احيانا.






اوسكار وايلد في قصته "صورة دوريان جراي"تحدث عن شاب وسيم ثري بريء الملامح,سعى لفنان ليرسم صورة زيتية له,فرسمه كما رأته عيناه: وجها بريئا جميلا وملامح طفولية.....عاش جراي حياته ولم يكن بريئا يوما خدع فتاة اخلصت له وانتحرت بعد ان تخلى عنها...مضى في حياته يجري وراء اهوائه ولا يقيم وزنا لخلق او صداقة....لكنه كلما آذى انسانا او ارتكب خطئا.... نظر الى الصورة الزيتية ليجد ملامحه اصبحت اكثر قبحا وسوءا ,حتى اذا ما ارتكب آخر شروره.. اكتسبت صورته ملامح شيطانية كاملة تصور حقيقته التي يخفيها






فكرة الرواية صادقة الى حد كبير فكم تمر علينا من وجوه ليست سوى مرايا تعكس الكثير من افات النفوس وامراضها ,يونج قال: " في النهاية يحصل كل منا على الوجه الذي يستحقه" نحن لا نولد بملامح ثابتة جميلة مدى الحياة انما نولد بمرايا لقلوب تتغير وتتبدل,كثيرا ما تطفو بعض الافات الموؤودة تحت التصنع والملامح على صفحة وجوهنا ليرى من نحادثه الصورة كاملة شفافة..... بعض وجوه الشباب تحمل من ملامح الكهولة ما لا يحمله الزمان.....بعض البسمات ليست أكثر من عويل نفس يئدها صاحبها بالتصنع والتفاؤل بالمظهر فقط..




"هو"

جل شأنه لا ينظر للصور"ان الله لاينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظرالى قلوبكم واعمالكم"







ان اردت وجها مشرقا باسما نابضا بالحياة علي ان ازرع ذلك بداخلي اولا...ان اتعامل بتلك المضغة الصغيرة ....ان احب الخير لغيري من كل قلبي بصدق ....ان اطهر روحي ونفسي اولا...علي فقط ان اتعامل بشفافية مع نفسي , ان اصقل مرآتي بنور من داخلي.... ان انتظر الغد بشغف ومحبة من كل قلبي ...فغيري قادر على ان يقرا صفحتي حتى وان اختبأت خلف الحذر والتصنع " واعلم ان كل قلب كتاب مسطور لكل مافيه من خواطر وعلوم"محيي الدين بن عربي.








اتمنى لو احصل على ذلك الوجه بالدنيا اولا:


وجوه يومئذ ناعمة






٠٢‏/٠٨‏/٢٠٠٨

قوة التركيز

اعتقدت لفترة طويلة ان "اسرعهم قرارا اكثرهم ذكاء", بعد ان ادركت ذلك اخذت ادرب نفسي على تكوين اراء سريعة بخصوص اي شيء.... لم يكن امر شاق ان تطلق احكاما سريعة بادراك بسيط وتفكير سطحي.. فصخب حياتنا يجعلك لا تركز كثيرا على التفكير, يكفي ان تملك رد فعل "سريع",وسريع هذه قد تكون اهم من رد الفعل نفسه..... ابسط الامور ان تتقبل اول فكرة تلوح في الافق وتحاول جاهدا ان تضعها في اطار مشكلتك, ثم تترجمها لرد فعل دون ان تدرك اثره أوعواقبه, فضغط المحيطين بك وتطلعهم لرايك وموقفك حيال اي شيء, يجعلك توقن ان التصرف السريع هو الافضل,ناهيك عن خوفك الازلي من ان يعتقدوا انك متردد او لاتملك خبرة او رأيا .....فلماذا لا تريحهم وتلهيهم عنك قليلا باي تمتمة ينتظرونها بشغف.




غاندي تلك الروح الملهمة عندما ساله الزعيم الهندي "نهرو" كيف تكون البداية للاستقلال؟لم يقدم اي حلول,كل مافعله ان اعلن عن عزمه التركيز واللجوء للعزلة والتامل في منزله الريفي ليفكر ويركز اكثر,في الوقت الذي يئس زعماء الهند من مرور الاسابيع دون اي حل, ومع اعتقاد بريطانيا ان غاندي شخص عاطفي ضعيف ومتردد- عندما شاهدت الفيلم اعتقدته ساذج ومغفل كبير- طلب غاندي من شعبه ان يتحلى بالصبر, فهو مازال يفكر بثقة دون ان يتاثر بالضغوط المحيطة هو يفكر بتروي وتركيز ..يحاول ان يوجد حلا دون اي شرارة عنف ...حتى تمخض فكره عن خطة بسيطة ادهشت كل من حوله, مؤداها باختصار"توقفوا عن دفع ضريبة الملح" لكن كيف تسقط حكومة ويحرر وطن بالامتناع عن ضريبة؟؟؟





بفكر رجل واحد وتركيزه حرر وطن باكمله. غاندي لم يلتفت لمرور الوقت واهتزاز ثقة شعبه به... لم يرضخ للعنف والحاح زعماء بلده لينطق باي حل ليجيشوا به الشعب .....كل مافعله ان فكر بتروي وتركيز وثقة.... ففكرة غاندي بسيطة لكنها نتاج اسابيع من الفكر والاختمار والتروي....الاسرع اذا لا يعني بالضرورة الاذكى.. فكرته اثبتت قوتها باستقلال وطن وحرية شعب.





لكن ماذا عني انا الان؟؟؟؟



كلمات مثل "لا اعرف" لم افكر بعد"دعني افكر" ملازمة لي,اذا سالني احدهم عن رايي في اي شيء افكر اولا وكثيرا بتركيز ان لم اعرف في حينها اقولها له"لا اعرف"...بالنسبة لحياتي الشخصية اسال نفسي اولا هل يجب ان اتخذ قرارا الان ام يمكنني الانتظار ......مازال امامي الكثير لاتقن التركيز..لكني ملتزم المحاولة.

٠٢‏/٠٥‏/٢٠٠٨

انا صار لازم ودعكم

اول الشهر...
موعدك مع قصتي....
كتبتها بالفعل......
"عشرة قروش".....
لكن؟؟؟؟؟
في الفترة الاخيرة لم اعد اتواصل معكم كما اتمنى
لم اعد استفيد حقيقة من تواجدي هنا ومتابعتي لتدويناتكم
لتقصير مني وقلة متابعتي.... لكني احب ان اعيش كل شيء حقيقة....

لذا اعتذر عن كل سبت وكل اول شهر الى ان انهي مشاغلي واهتم مرة اخرى بتلك الجسور بيننا

غالبا العودة ستكون يوم2/8



تحياتي لكم جميعا

لديك اي اقتراح؟؟؟؟اي شيء يساعدني لاتطور اكثر؟؟؟
او اي ملحوظة؟؟؟ لديك ثلاثة اشهر لتكتب ما تريد لي.

تحياتي لك

٢٦‏/٠٤‏/٢٠٠٨

تاج

وصلني تاجان في اسبوع واحد ,الاول من عزيزي هيومان والثاني من صديقي عبدالرحمن التاجان لنفس الموضوع اذكر عشرة اشياء عن نفسك؟ عشرة اشياء ؟؟لا اعلم ان كنت ساستطيع ان اكتب عشرة اشياء عني لكن ساحاول .... ليست اكثر من دردشة ليلية وحديث من القلب ونقش لاي خاطرة عني:


1-في البداية اسمي في البطاقة الشخصية "عماد" ...احب اسم "نور"جدااا.... عندما انشات مدونتي لم اهتم بالاسم... صوت منير كان يصرخ بداخلي"لايهمني اسمك ولايهمني عنوانك ...يهمني الانسان"لذا كتبت "نور" ولم اكتب عنواني حتى...لكن الغيرة بدات تشتعل في صدري لتعليقكم وردودكم على نور؟؟؟من نور؟؟؟ لا اعلم ....احب ايضا اسم "آدم" و"ملك"..... قد تجد أيا منهم يدون الاسبوع القادم.


2-مسلم باختياري....كنت على استعداد تام ان اتبع اي دين ..لكن اقنعني...طريق صعب بعض الشيء حتى توصلت للاسلام...سعيد اني لم ارث ديني...الى الان اذكر لحظة اسلامي بكل تفاصيلها ومشاعرها ...وانا انطق الشهادة ايات كثيرة كانت تلح علي... منها "انا عرضنا الامانة على السموات والارض فابينا ان يحملنها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا"......كان ايمان اخر..ارجو ان ابعث عليه.
اختياري للاسلام جعلني ادرك الايمان بصورة نسبية تماما...وجعلني احب المسلمين الجدد اشعر انهم اخواني حقا...وجعلني أشعر اني جزء من" الوحي".."بلغوا عني ولو اية" قد يكون هو الاخر وارث دينه.


3-اشتاق هذه الفترة لوالدتي كثيرا..لا أشتاق لها لبعد المسافات..اعتدت ذلك ويقويني حقا ان اعيش بمفردي... لكن اشتقت لروحها الملهمة الثائرة المبدعة... هي من علمتني كيف اقرا وكيف اكتب ....الى الان تريني اشعارها.... هي ملهمتي... المستحيل لها لا يعني اي شيء... لا تراه... لا تعرفه....حياتها انجازات قد لا احصيها.... احبها من كل قلبي.اتمنى لها السعادة ارجو ان تعود روحها المبتسمة المبدعة المستمتعة بكل عمل...او اتمنى ان اشاركها حياتها من جديد.


4-"منتصب القامة امشي مرفوع الهامة امشي" ليست اغنية لمارسيل خليفة_كان حفله بدار الاوبرا بديعا لكن لم احضره صديقي علم بعد فوات الاوان_انما امشي هكذا فعلا....لا ارى الارض اطلاقا...في البداية كنت سعيد بذلك...لكن في وطني تحتاج ان تضع مقلتيك في قدمك...كثيرا ما التوت قدمي هنا...لكن مازلت"منتصب القامة امشي مرفوع الهامة امشي".



5-هذه الفترة اتعامل ب"قوة العطاء" اذا احتجت شيئا من اي احد فانا اسارع بتقديمه له.....ما احتاجه منهم امنحه لهم..... فيعود لي فوق ما اريد......سعيد بذلك


6-يقولون اني "عنيد" اذا اقتنعت بشيء صعب ان تغير ثوابتي...لذا احاول هذه الفترة ان الغي هذا الجانب اصبحت ارى الاشياء بنسبية تماما ,لكن بخصوص حياتي الشخصية اتخذ قراراتي من راسي انا فقط...اسمح لهم ان يعبروا لكن انا اقرر...لذا يعتقدون اني عنيد.

7-يقولون ايضا اني "بسيط" لا اعلم لماذا؟؟ انا اعاملهم فقط بما احب...لدي ثبات نفسي اسعد به...لا التفت لما يجذبهم اهتم فقط بما احبه انا....بما يسعدني انا....اعتقد ايضا ان العمق في البساطة.


8-اقف على مفترق طرق منذ عام تقريبا...جانب اخر بحياتي احاول ان الغيه...ان اتجاوزه..احيانا اعبر للشاطىء الاخر...واحيانا انتكس من جديد... واعود كما كنت..تغيري التزام ليس اختيار.



9-اعتز وافخر بنفسي كثيرا...احبها حقيقة...احب نفسي كثيرا...ليست انانية او تكبرا لكني فخور بها...فخور انها بين ضلوعي وتسكنني...



10-ماذا عن حلمي بالغد؟؟؟

في البداية كلما حلمت بالغد لم ارى مصر فيه.......هي عندي ليست سوى مرحلة انتقالية...اعشق المجتمعات المنفتحة المتعددة..لا اؤمن بالوطن كثيرا...خليفة الله في ارضه لا تحده المسافات او الاوطان.اتمنى ان احقق حياتي كما احلم بها.اتمنى ان يكون تغيري عونا لي ايضا.

قد تجد من بين سطوري ما يفيدك.

امرر التاج ل:

ابونزار

dr.tico

daydreaming

احمد العجوز

انتظر تعليقك ان كنت عرفتني من كتابتي او تعرفني في الحياة....اخبرني انت كيف تراني؟؟؟

٠٩‏/٠٤‏/٢٠٠٨

عقول متفتحة

اذا جعلنا مجموعة من البشر معصوبة الاعين تتلمس جزءا من حيوان ضخم كالفيل كل حسب موقعه فسيعتقد احدهم انه يلامس عاجا فقط والاخر جلد سميك فقط وغيره ذيل صغير فقط ...نادرا ما يظن احدهم ان ماتتحسه يداه جزء من كل لا يدركه, مع ان جميعهم على صواب, فكل واحد منهم ادرك جزءا من الفيل لكن احدا منهم لم يعرف الحقيقة كاملة... وكذلك نحن. فالحقائق نسبية تماما لقصور ادراكنا...فما اراه انا خطا قد يعتقده غيري صواب...لكن مالذي يجعلني اصر ان ما اعتقده فقط هو حتما وقطعا صواب مطلق ؟؟؟

اذا حاول احدنا ان يكون حكما او رايا حيال اي فكرة, فانه سيبحث ويستقصي ويسعى ليدرك الموضوع من جميع جوانبه بعقل متفتح خصب ,محفزا حواسه وجميع جوارحه لتدرك اكثر ,حتى اذا ما تجمعت لديه بعض الدلائل المترابطة, فانه يسارع لاصدار احكامه وتعميقها .... ليستقر كل ادراك حسي جديد مؤصلا اراءنا اكثر.... ببساطة اصدارنا للاحكام والاراء تعني ان نوصد عقولنا امام اي افكار جديدة, لاننا اقتنعنا تماما بما توصلنا اليه, واقسمت عقولنا ان ما ندركه عاج او جلد سميك فقط ,دون ان نلتفت لقصور حواسنا وادراكنا ,وكون الحقائق نسبية تماما..


يقولون"من الناس من لا يتعلمون اي شيء لانهم يفهمون كل شيء بسرعة".... بعد ان نفهم كل شيء نترجم كل ما ندركه وفق احكامنا المسبقة لنعمقها اكثر ,حتى اذا حاول احدهم ان يرينا ذلك الفيل الضخم امام اعيننا وبكل حواسنا, تابى عقولنا ان تدرك او تتفتح امام اي اضافة جديدة ,حتى وان كانت واضحة جلية...عقلية الصواب المطلق تؤثر على حياتنا بكل مافيها ... بداية من معلم برأي صواب دائما لرب اسرة برؤية دائما صحيحة لحاكم هو الصواب ذاته.........."عسى ان يختلف اثنان كلاهما على حق" - نجيب محفوظ رداوبيس- ادراكنا يوصد امام اي فكرة جديدة ,وعقولنا تترجم كل ما نسمعه او نقرؤه او نراه ويخالف اعتقادنا انه ضوضاء ..او هجوم ....او .....او.... او....



الشافعي قالها:"رايي صواب يحتمل الخطا وراي غيري خطا يحتمل الصواب" احتمالية الصواب والخطا هي التي تجعل بعض العقول ارض خصبة متعطشةلاي ادراك جديد وفهم اشمل
المثل الصيني يقول:"دع الف زهرة تتفتح" لكن معظمنا يصر ان يجعل عقله ارضا بورا امام اي فكرة جديدة... فصعب على اي منا ان يقاوم غواية اصدار الاراء والتشدق بها.......لكن متعة ان نعيش في حالة بحث دائم بعقول تسع مدركات عالم بأسره..... متعتها اكبر من عقول ضيقة متحجرة ...


بهدوء:
لا اثنيك عن ان يكون لك راي .. لكن تمهل قليلا ولا تنسى قصر ادراكك وتذكر دائما احتمالية الشافعي واسمح لزهور عقلك انت تتفتح.

٢٨‏/٠٣‏/٢٠٠٨

قطرة ماء

"هو" يحدد هدفا قصير المدى,ثم يحاول بكل ما أوتي من قوة ان يصل اليه,لايهتم كثيرا بكم العقبات التي قد يواجهها او احتمالات الفشل والنجاح,هو يبادر بالتجربة ناظرا الى هدفه,لايكترث لأي شيء قد يثبطه أو يقلل عزمه, لو حاولت أنا جاهدا أن اثنيه عن افعاله, يقاومني بشدة ويبدأ من جديد, قد أضع أمامه الكثير من العقبات, لكنه يواجهها ويتعامل معها ولا يتوقف عن المحاولة, طالما يرى هدفه نصب عينيه, هو يثابر ويثق أنه سيصل الى ما يريد, تجاربه الفاشلة تعني له بداية جديدة باصرار أكبر وخبرة اعمق.



الروائي الامريكي ارسكين كالدويل عاش سنوات يزرع البطاطس وياكلها وحدها لا ابدام, ويكتب طوال الليل في غرفة باردة تتجمد فيها اصابعه وهو يدق بها على الته الكاتبة, ويرسل القصة وراء القصة الى المجلات الادبية, فتعيدها اليه ملصقا عليها بطاقة"مرفوض لضعف المستوى" ومع هذا فلم ييأس, ولم يتوقف عن الكتابة.... بل ولم يندم على قراره المصيري بالاستقالة من وظيفته كمحرر صحفي ليتفرغ لكتابة القصة,وليس في جيبه سوى بضع دولارات يشتري بها الورق وبذور البطاطس وطوابع البريد لارسال قصصه للمجلات,فيطول انتظاره سنوات وسنوات ....وتصاب اصابعه بقرح البرد ويفقد عشرين كجم من وزنه فلا يثنيه كل ذلك عن مواصلة المشوار, حتى تتحقق أحلامه وتبتسم ايامه وتتهافت عليه المجلات والصحف لنشر قصصه.



قطرة الماء مع صغرها وميوعتها قد تفلق حجرا ناريا من عمر الزمان الى نصفين,قطرة الماء لا تحقق ذلك بقوتها أو حجمها,هي تعلم مهمتها وتثابر عليها,في البداية تستكين داخل أي شق في صخرتها حتى اذا ما دنا الليل وتجمدت بداخلها تمددت بصلابة ضاغطة على ما يحيطها من جدران مفتتة جزيئا صغيرا من صخرتها ,ملتحمة وغائرة في شقها مستكينة بداخله أكثر,فور أن تشرق الشمس تذوب من جديد لكن ذوبانها يعوقها عن اتمام مهمتها,تسكن داخل شقها منتظرة ليلها لتبعث من جديد. قد تنتظر ليالي وليالي ,بتوالي الضغط والتفتيت يفلق حجر ناري بمثابرة قطرة ماء مائعة الى نصفين.



لكني لم أقل لك من "هو" الذي بدات به مقالي؟؟؟



هو ابن أختي عمره عامان,أتعلم منه كيف أثابر على أهدافي,الأطفال أعظم المثابرون في الوجود,لو استمروا كذلك لتقدمت البشرية قرونا,ان لم تغتال تجاربنا الفاشلة ذلك الاصرار والعزم الطفولي بداخل كل منا,وان جعلنا من كل محاولة خاطئة خبرة أعمق وبداية جديدة لنا, لملأنا حياتنا أهدافا منجزة محققة سهلة المنال.



بهدوء:



اهدافنا تحتاج لدوافع ورغبة....لكن تحققها المثابرة.

٢٧‏/٠٣‏/٢٠٠٨

تاريخ

مازال التفكير يعصف بعقله هو يبحث عن اي وسيلة تربوية تقرب معانيه اكثر الى طلابه, بعد نصف عام دراسي من العمل التطوعي ,يأبى الأستاذ أحمد الا ان يقرن دروسه بشيء من الوسائل التربوية الحديثة ,قد يكون حقق في نصف عام ما عجز زملاؤه ان يحققوه دهرا, لكن حلمه ما زال يكبر في اعمار تلاميذه.


في البداية هو تطوع للتدريس بعد ان اشاد الجميع بملكته في ايصال اي معلومة ,وبعد عمل دؤوب ناجح في الجيش ,يابى ان تنتهي حياته عند هذا الحد ,يتمنى لو تبدا من جديد بعد العقد الخامس باعثا اجيالا جديدة برؤية وحلم من عمر الزمان, كانت مادته الدراسية تاريخ ,وكم يكرهها تلاميذه في المرحلة الثانوية ,لكنه بدا بصداقتهم اولا ,هو الان حكم لمبارياتهم الكروية وقد يشاركهم اللعب او يقف لهم حارسا مشتركا ان قضت الحاجة ,هو يجد فيهم امتدادا له, بعد نصف عام اصبح عائدا لمريضهم ,لا يتوانى ان يود طلابه باي شيء, وكثير من لجؤوا اليه طالبين المشورة في شان اسري او رؤية تربوية.


الاستاذ احمد ابى ان يكون اقل من زملائه في اي شيء ,ان كانت مادته"تاريخ"فذلك يعني فرصة اكبر لايصال معناه وحلمه الى طلابه, لكنه يابى ان تكون مادته مجموعةاحداث وتواريخ ايام وسنين, هو يريدهم ان يعايشو الحدث لحظة وقوعه قبل مئات السنين, ان يشعروا ان لهم اصل وانهم امتداد لحضارة يبدا بعثها على ايديهم, لكنه يابى ان يكون ضعيفا مملا هشا او ان يكون مجرد اخ اكبر لهم.


مازال يتجلى بتفكيره, وميض الافكار ياتي خافتا ضعيفا ثم سرعان ما يختفي دون ان يكتمل ,فجاة قفز الى مفكرته كاتبا "ابحث عن تفاصيلهم اكثر" ماذا لو جعل طلابه يجسدون اي حدث تاريخي وبكل حذافيره,من ملابس لادوات وشخصيات وحوار ,وربما مكان ثم يتمم هو الفكرة بان يقدم رؤيته محفزا اياهم ان يعبروا اكثر عن انطباعاتهم وشعورهم وافكارهم, بدا يشعر ان سيل الافكار والخواطر قد اوشك ان ينفجر بداخله, بعد لحظة اتاه صوت الاستاذ سعيد حانقا غاضبا, بعد ان دفع باب حجرة المعلمين برجله:


-تصور لا يريدون التبرع لبناء مسجد.


-من؟؟؟


-التلاميذ الملاعين لا يريدون بناء مسجد في احد الاحياء طفت اجمع التبرعات لكن لا شيء يذكر.


-وفقك الله.





هنا شرد الاستاذ أحمد من جديد سيل الافكار والخواطر اصبح بالفعل يحمل الكثير من المشاريع هو يريدهم ان يصنعوا التاريخ ,ان يشعروا انهم امتداد لاصل ثابت من عمر الزمان ,وان تاريخهم بايديهم, هو قرر ان يصمم ادوات الحسن بن الهيثم وابن سينا وغيرهم لتلامس اناملهم حضارة اصولهم, ليوقنوا انهم كانوا حقيقة لا خيالا اخذ يفكر كم يكلفه ذلك ماديا,وجد انه قد يكون بالفعل الكثير ,لكن ولم لا؟ لاشيء افضل من ان يرى حلمه يداعب الحقيقة, قاطعه الاستاذ سعيد مرة اخرى وبحنق اكبر:


-هل احادث نفسي؟؟


-معذرة شردت بافكاري.


-فيم تفكر اذا؟؟ في موضوع المسجد؟؟؟ انها ماساة يا عزيزي.


-لا... بل افكر في تاريخهم.


فور ان أنهى كلمته كتب في مفكرته " فتش عن ابطالهم " هو سيطلب من كل طالب ان يبحث في تاريخ اسرته.... منطقته..... او حتى مدينته ,عن شخص بادر بالتغيير ,او صنع حدثا يذكره اهله الى الان ,التاريخ في نظره ليس ثورة قومية ومعركة حربية, تاريخهم يبدأ بداخلهم ,هو قد يطلب من كل طالب ان يكتب تاريخه هو, تاريخ عقد ونصف قد يكون عملا عبثيا لكنه يريدهم أن يصنعوا التاريخ, تاريخهم يشرق مع انفاسهم المؤمنة المحبة مع كل شرارة علم توقد مصباحا بمشكاة الأمة, تاريخهم يبدأ أيضا بركعتي توبة وتجديد نية, قاطعه الاستاذ سعيد:


-وأنت ألا تريد التبرع لبناء مسجد؟؟


فكر قليلا ثم سارعه بالاجابة:


-احاول ان ابني مسجدا بكل قلب.

٢٦‏/٠٣‏/٢٠٠٨

اغانيهم ...روابطنا ...والواقع



البداية كانت مع أكثر الأغاني محبة لقلبي ,عندما أسمعها أنعزل تمام عن كل ما يحيطني, وأرحل الى عالم اخر تصنعه الكلمات والألحان, عالم سرابي يفيض نورا وصفاء, ينسيني كل ما أمر به ويجعلني أدرك معاني الأشياء من جديد, لكن بأحاسيس مرهفة شفافة أكثر عمقا واختمارا, كم أحببت ارتحالي له وسكني بين خلود الكلمات وشجن الألحان.



أدمنت سماع أغنيتي المفضلة, أحيانا كانت لاتتوقف أبدا بداخلي ,مصاحبة لي في كل عمل ,كلما ازداد واقعي سوءا أهرب اليها ,أنعزل خلفها عن كل ما يقلقني, أرحل الى السراب باحثا عن التغيير ,لكن واقعي كلما سمعتها كان يتجه الى الأسوء, كنت أعتقد أنه سيتغير بمجرد سماعي وهروبي اليها ,لم أكن أغير واقعي وأواجهه بقدر ما كنت أسمعها ......الان عندما أسمع مجرد بدايتها أشعر بشيء ثقيل على صدري, وشجن خفي موحش وخواء نفسي رهيب .....ببساطة أغنيتي المفضلة كانت أفيوني لفترة ثم أصبحت الان رابطا سلبيا لي.


يبدو أنني تأخرت كثيرا في ادراك هذه الروابط ,فشركات الدعاية والأعلان تضع لحنا مميزا لمنتجاتها, لحنا بسيطا مبهجا تصاحبه الكثير من البسمات ,مع جملة قصيرة تحمل مشاعر البهجة والمحبة, لديك مثلا جملة "أنا أحبه" "am lovin it" لماكدونالدز فور سماع أي منا لهذه الجملة القصيرة ,نعلم تحديدا المنتج وقد يتغير مزاجنا ان رأينا فقط شعار ماكدونالدز الأصفر, ذلك كله يحفزك أكثر لتنعزل عن أي واقع وتتذكر البهجة والاستمتاع والبسمات المصاحبة للاعلان, لتفيق على وجبة مقدمة اليك بعد طابور طويل وانتظار ممل وبحث مضني عن اي طاولة فارغة, لكنك مع كل ذلك تستشعر البهجة والمتعة والبسمة.



اصدقائي ايضا أدركوا هذه الروابط وهذا الانعزال عن الواقع, بعضهم لا يفارق المحمول يداه ,قائمة أغانيهم المفضلة تصاحبهم في كل حدث, تملأ فراغا لا بد أن يكتمل بأي شيء ,لا أعلم ان كانو يسمعونها فعلا و يعلمون ما يقال ام انها خلفية لحياتهم بشكل عام, قد لا يغلبهم النوم الا بأغانيهم المفضلة, كيف يستعين انسان بكل هذا الصخب والصوت العالي لينام ؟؟هل ينامون فعلا؟؟




اغانيهم ليست اكثر من حالة عاشها أحدهم وعبر عنها وابدع بها ,ليست حياة او طريقا او حتى حقيقة, قد نسمعها ونستمتع بها , لكن في مقامها البسيط.... نسمعها لتبهجنا وترهف مشاعرنا ,لا لتقودنا وتوجهنا ,ان استفدنا منها كشركات الدعاية والاعلان فلا باس, لكن ان ننعزل خلفها وان نضع جميعا سماعات الاذن كجدران عازلة بيننا جميعا او ان نحلق الى السراب بحثا عن التغيير, دون ان تلامس اقدامنا ارض الواقع .......بالتاكيد سنتغير لكن للاسوا.






بهدوء:

اغانيهم ان نملكها لا ان تغيبنا
واقعنا يتغير بنا. بمواجهته.
احلامنا ستصبح حقيقة ان حاولنا تحقيقها







١٩‏/٠٣‏/٢٠٠٨

بسمة صباحي



لا أذكر تحديدا كيف بدأت هذه العادة لا أذكر يوما أو تاريخا أو حدثا فاصلا جعلني أفعل ذلك, كل ما أعرفه أن أيامي أصبحت أكثرا تفاؤلا وبهجة من حينها, بينما يبدأ الاخرون صباحهم ثقالى متكاسلين متشبثين بوسائدهم.. أشرق أنا مداعبا كل خلية بجسدي.... ببساطة أنا ملتزم أن أبتسم كل صباح فور أن تومض عيناي أو أدرك الحياة من جديد أحفز نفسي لتتفاءل...قد أحركها ...أداعبها...أحضنها بدفء لتبتسم من أعماق كياني.

لا أمط شفتاي فقط بقدر ما أحفز كل ذرة بداخلي لتبتسم... هو يوم جديد لماذا لا أرحب به وأنتظره؟
بسمة صباحي جعلتني أشرق باحثا عن كل جميل يمتع عيناي وروحي, جعلتني أسابق اسراب الطيور لحدود السماء, أو أن أتلمس حبات الندى بعيناي ملهوفا عليها أن تسقط من أوراقها كحبة ماس تحيطها يداي خوفا أن أفقدها.


ما أفعله ذكرني بالمفكرالفرنسي سان سيمون الذي درب خادمه أن يوقظه كل صباح قائلا:"انهض يا سيدي..فان أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية" فينهض ممتلئا نشاطا وحيوة مستشعرا أهمية وجوده و دوره في الحياة



انا مؤمن تمام ان الكون ينفعل بنا بمشاعرنا واتجاهاتنا الفكرية,لماذا لا نرفق بأنفسنا ونبدأ يومنا متناغمين مع ذاتنا؟ مستقبلين كل حدث بابتسامة من أعماقنا, لماذا لا نرضى بما يحمله لنا يومنا ؟ يكفي أننا سنعيشه وسنثبت أنه يوم اخر يضاف بفخر لماضينا, عندما أوجه تفكيري ايجابيا كل صباح أشعر أن الوجود كله يقبل علي, ويدعوني لأنهض ...لأنجز...لأتعلم ...لأرى ماذا يمكنني ان أغير.



هي ليست بسمة صباح بقدر ما هي اتجاه فكري ايجابي ودعوة تفاؤل مع كل اشراقة شمس فكم من بسمة ولدت على شفاه روح تحتضر وجسد يتصنع الحياة,بسمتي ليست اكثر من ترجمة لافكاري واتجاهي الذهني,قد لا أحتاج الى خادم سان سيمون ليوقظني كل صباح,بقدر ما أحتاج أن أغير عاداتي واتجاهاتي الفكرية وأستقبل الحياة على اثير التفاؤل بأفكار وعادات التزم بها.



بهدوء:

"حياتك من صنع افكارك" ماركوس اوريليوس.






١٦‏/٠٣‏/٢٠٠٨

شعور من القلب




لماذا


اتعمد النظر دائما الى قمة الشجر والى عنان السماء؟


لماذا لايريحيني سوى منظر الافق


عندما تلتقي السماء بارض او بحر او قبة مسجد؟


هل اتعجل النظر الى نهاية الاشياء؟


ام لاني احب ان ارى الصورة كاملة مكتملة بكل ما فيها


هل لاني اتمنى ان اكون في تلك النقطة التائهة في الافق البعيد


يحيطني الفراع والحياة ايضا بين حدود السماء وفي كل اتجاه؟


لماذا


اشعر اني اتحرك بين البشر بروحي ؟


واني استطيع ان اقرا الناس من رسم انفسهم لوجوههم


مع اني اخطا في اليوم الف مرة


واشعر كثيرا ان شيئا ما ينقصني في حياتي


لكني مازلت ارى البشر بمرايا وجوههم




لماذا


اشعر ان مكانا من حجر صلب قاس


قد يحتضنني بين ذراعيه؟


لماذا اشعر ان بعض الاماكن زرتها من قبل


واذكر عبق رائحتها ؟


مع اني لم اطاها يوما


كيف لمكان حجري مصمت حاد الزوايا


ان يحتضن انسانا من روح ودم؟

١٥‏/٠٣‏/٢٠٠٨

البداية


لماذا أدون؟

احاول ان اعبر عن نفسي

وان افهم الاخر

قد يكون تدويني بحثا عن جسور اخرى

تصلني بتلك الجزر المعزولة

وقد يكون بداية لحرفية الكتابة

ارجو ان اترك اثرا او بصمة

او ان ابادر بالتغيير