٠١‏/٠٤‏/٢٠١٠

فراشات

تأمل تكوينها وخلقتها, كيف تترابط مجموعة من الحلقات ببعضها لتكون جسم اسطواني رخو, جسمها الرخو يكسبها بعض من ليونة لكنه لا يحميها من غدر ما يحيطها, أقل هائمة قدد تنهي وجودها, أبسط حركة منها تحتاج للكثير من الجهد, إذا أرادت دودة أن تتقدم للأمام فعليها ان تستنهض كل حلقة من سباتها...تبدأ من أواخر حلقاتها حتى مقمدة رأسها...فتسري رعشة بطيئة مملة على جسدها الرخو...تشابه ميلاد امواج على سطح بحيرة راكدة...يتأمل ما قطعته من مسافة, فيشعر وكأنها اهتزت فقط , تقدمها يكاد لا يرى , التصاق بطنها بالارض يجعل رؤيتها مختلفة, كل ما تدركه من عالمنا هو قاعه فقط...لم تر سماء او سحابا قط"تثاقلها الى الارض" يجعلها تنتظر ما يتاح لها....كل غذاؤها مما يتساقط من غيرها....


لكنها تمر فجأة بطور يأسر كيانه ....


تتسلق بصبر وثبات ساق نبتة خضراء...حتى اذا ما استقرت على احدى وريقاتها تضخم جسدها وانتفخت حلقاتها...تلتف بنسيج اشبه بكومة حرير,نسيج يحفظها من كل مايحيطها...بعد ايام من سكونها فيه...تثقب جزءا من شرنقتها...فيخرج رأس اسود منها ,تتبعه بسطة لجناحيها فتتهتك شرنقتها...كم تأسره الوان جناحيها...اصبح لها جسم قوي رشيق ,تناسق ألوانها أبدع من ان ترسمه كلماته...قبضة واحدة من جناحيها تأخذها لابعد مما يتصور...اصبحت رؤيتها لعالمنا مختلفة ادركت زهورا وحقولا لم ترها...غذاؤها من لقاحها لا مما يتساقط امامها...مشربها من قطرات الندى بين اكمة زهورها...تتبعها الاعين اينما حلت او طارت....





تأمل حالها من دودة لفراشة...وتأمل استمتاعهم بفراشة تحلق بخفة ووداعة...من منهم تذكر انها كانت دودة بطيئة مملة...ايقن ان انطباعات البشر محال ان تدوم...انبهارهم بالوانها وحركاتها ينسيهم طورها كدودة...تعلم ان انطباعات البشر عنه لاتتجاوز اليوم فقط, هم لا يرون اكثر من حاله اليوم فقط...





تأمل حالها من دودة لفراشة...وتأمل حاله اذا ما أضاع عقد خلافته لربه ...نسيانه لخلافته يجعل كيانه رخوا ضعيفا , تكسره اي هائمة, ابسط اهدافه تستنزف الكثير من وقته ومجهوده, "تثاقله الى الارض" يحجب عنه فضاء رحب من إيمان وإعمار, رؤيته لحياته ووجوده لا تتجاوز المادة فقط , ينتظر ما يتاح له ولا ينهض للاعالي..تخور همته ويكبر همه...

حتى اذا ما تلمس صراط ربه ودخل شرنقته او محرابه بدعوة صادقة او سجدة خاشعة .... تغير حاله,وحلق بروحانية من نور ربه,ليشرب من لطف اقداره,ويطعم بركة ارزاقه....سبحان الودود اللطيف.....

هناك ٧ تعليقات:

محاولة لكسر الصمت يقول...

أحيانا اشعر أن الكلمة الوحيدة التي يمكنني أن أكتبها في هذه المدونة هي "رائع" رائع وفقط.


أتمنى من الله أن نتحول جميعا من اليرقات إلى فراشات في أقرب وقت.

غير معرف يقول...

أعجز عن مجاراتك و لو حتى بتعليق صغير...
دائما محلق فى سماء الإبداع...
ليحفظك الرحمن
‏*‏**¥***
عبدالرحمن

sabry abo-omar يقول...

رؤية فلسفية للكون بكلمات سهلة ودقيقة المعنى والمضمون.. وفقك الله

الجنوبى يقول...

من العيب ياسيدى ان احاول مجاراة تلك الكلمات باى تعليق سمج محاولا ان اذكر رايى او امدح



تحياتى ودعواتى

emad.algendy يقول...

شكرا لكل من علق
كتبتها منذ عام تقريبا
لسبب ما اعتقدت انها متكلفة
فلم انشرها
اتحرج من نشر ما هو ايماني خاص يحمل شيئا من عاطفة
ادهشني انها اعجبت الجميع
سبحان الله
شكرا

Unknown يقول...

يالهوي
معنديش حاجة اقولها

غير معرف يقول...

اعشقك وانت محلق ومبدع يا فراشتى الأديبة :)