٠٣‏/٠١‏/٢٠٠٩

حائط رابع

بناء خشبة المسرح يتكون من ثلاثة حوائط , تحمل من الديكور والألوان ما يجعل الحضور والممثل يعيشان الحدث والشخصية, الممثل الناجح هو القادر على تصور وجود "حائط رابع" يعزله عن همسات الحضور,حائط شفاف يسمح لهم بأن يسمعوا صوته ويتابعوا حركته, لكن يبقيه هو "في معزل" عن ردود أفعالهم, ليعيش الشخصية بكل انفعالاتها وسكناتها....
البعض يعتقد ان حياة البشر مسرحية كبرى, يعيش كل منا في شخصية خاصة به لها ملامحها وطباعها,بعضنا تسكنه الأحلام لشخصية يتمنى أن يعيشها, فيرسم اطارها ويحدد لونها,يتصور ردود افعالها وانفعالاتها,حتى اذا ما تملكته الشخصية تماما ,أخذ يقارن حاله بحالها, ينظر ما ينقصه ليتقمصها,فيضفي كثيرا على نفسه وذاته,يبدأ بتغيير بعض عاداته ومعاملاته, يضع أهدافا ويؤلف سيناريو خاص بشخصيته, لكنه فور أن يعامل البشر ويحتك بهم,يكتشف أنها ليست أكثر من أحلام تسكنه.....
جمهور عرضه من عائلة واصدقاء وحتى احداث تتغير عليه لن يسمحوا بميلاد شخصيته بهذه السهولة, نظرة مختلفة من صديق لتغير حاله....أو ردة فعل باندهاش وتعجب لما صاره تنسيه ما عاشه من احلام..... حدث جلل بحياته أو تغير سريع لما اعتاده قد تتطاير به أماله وطموحاته....بعض من سلبية الحضور قد تجد طريقا لنفسه.....شكوى مؤلمة من صديق او فضفضة ملحة من والدته قد تنثر رماد شخصيته في الهواء....مايسمعه من انجازاتهم واهدافهم تجعله يجذب لحياتهم وينسى مارسمه لذاته....احيانا يعايش تجربة سلبية قاسية لاحدهم يتقمص كل مافيها من احداث....فيلتهي عن "دوره" الجديد.... تتخبط اراؤه وتعجز كلماته ثم يعود لسابق عهده يجذبه كل شيء.... يشتته كل امر وبلا احلام...
كل ما يحتاجه هو "حائط رابع" شفاف...يحيط به من كل اتجاه... حائط يسمح له بان يسمعهم ويسمعوه...يدرك كل امورهم واحوالهم لكن دون ان يهتم بها او يعيشها معهم ....يعزل كيانه وذاته عنهم جميعا لكنه يخالطهم .....يعيش احلامهم معهم لكن دون ان ينجذب لحياتهم .... يرهف السمع لانات احبابه لكنه لا يعيشها ...يستمتع بانجازاتهم لكنها لاتشتته عن اهدافه..... تغير مفاجىء لاحداث حياته تعني ان يعيد ترتيب اوراقه.....قد يقدم فصلا من حياته على فصل اخر ...لكنه لا يمزق الاثنين...
حائط رابع يجعله تحت السمع والنظر...لكن بمعايشة وتقمص اكبر لاحلامه واهدافه..... بمعزل عن كل ما يشتته وبتواصل مع كل من يحب

هناك ٧ تعليقات:

Abd Al-Rahman يقول...

جميل صديقى
يحتاج كل منا لحائط رابع ، أختلف معك فى التسمية ، فكلمة حائط توحى بالعزلة حتى ولو كان شفافا ، أعتقد أن كلمةغشاء ستكون أوقع ، لكننا نتفق فى المعنى نفسه
أعتقد انك نجحت فى بناء هذا الغشاء لنفسك
دمت متميزا

إنسان || Human يقول...

بالفعل يوجد لكل منا جدار رابع ..ولكنه مطاطي , يمكن أن يخترق من أحد الأشخاص مقحماً نفسي في حياتك بدون أن تدري في يوم وليلة بدون أن تشعر ..المشكلة الحقيقية ليست ثر على حياتك بالإيجاب بل بالسلب ..أن يدمر حياتك

blackcairorose يقول...

مجرد مرور سريع للتهنئة والشكر على رقيق الكلمات فى مدونتي، وكل عام وانت بالف خير وهدوء

emad.algendy يقول...

العزيز عبدالرحمن
اقصد العزلة بتواصل ايضا
جميل اتفاقنا في المعنى
نجحت في بناء حائط رابع عن معظم من اعرف
لكن اصدقك القول
بعض اشخاص بحياتي لهم اهمية واولوية لم استطع بعد ان ابني حائط احافظ به على ثباتي
دمت بخير

emad.algendy يقول...

human
اسعد برؤية تعليقك
اسعد بالتواصل معك
اتفق معك تماما
لكن نحن من نسمح لهم

emad.algendy يقول...

BCR
كل عام وانتي بالف خير وهدوء
سعيد بعودتك
اعتذر عن التاخر

kareem azmy يقول...

ابدعت
فكرة رائعة

تخيل انني بنيت هذا الحائط الرابع من سنين
و لكني لم أكن اعرف ما اسميه

تحياتي لك