١٥‏/٠٣‏/٢٠٠٩

حواجز

حديث ايمن كان يتدفق بسلاسة , تعليقاته سهلة ممتعة , مازال يقبض يده اليمنى ثم يبسطها اثناء حديثه, ثمانية اعوام مرت على آخر لقاء جمعني به, كنا في الأول الاعدادي , عدنا من اجازتنا الصيفية لنفاجىء برحيله دون عودة, بعد ثمانية اعوام من رحيله , وبعد استقراري في وطني تجمعت خيوط من بعيد حاكت لقاء عفوي بسيط......

اتصلت به ولم يكن على علم بقربي منه, صوتي كان غريبا عليه, تعجبت من نطقه اسمي بعد رابع محاولة, أمازال يذكرني؟ كنت احادثه بفتور لكن بصوت مبتسم , لم اكن اهتم كثيرا لرؤيته لشخصه, اعجبتني الفكرة والتجربة أكثر, اتجهت اليه وانا افكر في شكله هيئته, اخر عهدي به طفل يصفف شعره على جنب من اليمين لليسار, يفقد تركيزه معك بسرعة, كيف سيعرفني وأعرفه؟ سالته صراحة:.

-هتعرفني؟ ولا أقولك انا لابس ايه؟
-عيب عليك...أكيد هاعرفك...
-طيب انا في طلعت حرب...حابب اقابلك...
-نص ساعة وأكون عندك.....

في النصف ساعة اخذت اتذكر الكثير بيننا , أيمن كان عاطفيا تماما, يسامحهم لأبسط الأسباب ,لاينتصر لنفسه ابدا,دائما ما يحسن الظن في غيره, هو يعتقد ان البشر جميعا ملائكة , وأنه لسوء الحظ تحدث هفوات بينهم , تعكر صفو علاقاتهم , صديقي يوسف وأنا كنا نكره له ذلك, موقع أيمن في لعب الكرة حارس مرمى , لا لأنه يبرع فيه , لكن لأنه يرتضي دائما هذا الدور ,خلال اللعب ينصب غضبنا على أيمن , بداية من التجريح للشتائم للتشابك بالأيدي, يأتي دوري انا ويوسف بعد اللعب لنعرفه ما عليه ان يقول , كيف يتصرف وكيف يرد الاساءة , هو كان يعتقد دائما وأبدا أنهم "ميقصدوش" .... بعد فترة اعتقدت انا ويوسف ان أيمن يجاملنا بجلسته معنا, لا يستطيع ان يرفض لنا طلبا حتى لو كان لقاؤنا توبيخا له, هو لن يتغير.......

عفوية الطفولة غمرت نفسي بدفء رهيب , خجلت حينها من مشارعي اتجاهه الان ,كنت في العام الثالث لدراستي الجامعية ,بين الاول الاعدادي والسنة الجامعية الثالثة الكثير , كنت على يقين انه اصبح انسانا اخر , كما اصبحت انا كذلك-هذا ما اعتقدته حينها- أنا لا اعرف من سأقابل تحديدا, اعرف اسمه وبعض من طفولته فقط......

انقضت النصف ساعة. فور ان وقع نظره علي صاح باسمي عاليا, كان مختلفا تماما , اكتسب فتحة قميص مزقت براءة الطفولة تماما, شعره اصبح كثيفا يتموج بحرية وجمال , جسمه رشيق لم يبقى فيه خلية دهن زائدة_أعلمني لاحقا انه يعمل "مودل"- ضمني بشدة لأكثر من مرة, كلما اعتقدت نهاية سلامي به أجده يضمني من جديد, أيقنت انه مازال عاطفيا كما كان, ربما قضينا ساعتين أو أكثر نتحدث عن ذكرياتنا دون أن تنتهي , يبدأ أحدنا قائلا:
-فاكر.......
يجيب الاخر بضحك لا ينتهي....


أثناء حديثه عن طفولتنا وأيامنا معا كانت تعليقاتي وردود افعالي انسيابية تماما, عفوية بسيطة من القلب,فور ان حادثني عن حياته بنفس عفويته وبساطته وجدتني اتحفظ كثيرا, ردود افعالي لم تكن اكثر من كلام منمق مختار بعناية, جملي كانت قصيرة متقطعة تاتي بعد لحظة تفكير, لكن حديثه هو مازال يسري دون انقطاع, أخذت اتعامل معه بحرص غريب, كلام مقتضب للغاية, حديث بسيط وابتسامة دافئة, دعوة مبيت منه لي رفضتها تماما, تعجب كثيرا, لكن اصررت على رفضي , كنت قد لاحظت احتفاظه ببسط يديه وقبضها, أخبرته بذلك مبتسما , رد علي كالاتي:

-وانت لسه بتتكلم بسرعة...بس كلامك بيقطع فجأة؟....

أثناء عودتي لمنزلي, كنت اتساءل , لماذا اضع كل هذه الحواجز؟لماذا لا اتصرف بعفوية وانسيابية تماما ؟ ربما اصبحت اؤمن بالفراق يقينا , لاداعي اذا للتكشف اكثر....ايمن في حديثه عن حياته لم يكن يهتم لراي او موقفي, هو فقط يشاركني بعض منه , لماذا لا اقبل ذلك ببساطة, اتمنى ان اتعامل معهم بلا حواجز.......






هناك ٧ تعليقات:

محاولة لكسر الصمت يقول...

اتعلم أمرا سيدي, كلماتك تذكرني بنفسي, لكن مع الاختلاف فربما أراني مزيجا بين الاثنين, لكنني الآن صرت أصنع تلك الحواجز ايضا دون أن اشعر, لأتساءل بعدها عن ذلك الذي غيرني إلى هذه الحال, ربما هو اليقين بالفراق كما تفضلت, ولكنني أعتقد أن هناك شيئا آخر, له اثر أكبر, ربما هي الرغبة في الاحتفاظ بأبسط الأشياء التي تجعل من حياتك ملكا لك لا لغيرك, الرغبة في الصمت, الابتعاد عن الناس, الاكتفاء بالتأمل والاستماع, كل ذلك يشير إلى شيئ واحد فقط..... أنت تكبر....

غير معرف يقول...

ربما هو الحائط الرابع.........

كن أنت دائما... ستجد الأخرين معك ...هــم

just a girl يقول...

جميل جدا ..ربما الان اتعاطف اكثر مع ايمن مما معك ..لانني اعلم ما كان يحدث في طفولة ايمن هذا ..ادرك ماهيته و ما في نفسه ..يعجبنى ان يظل الانسان على عفويته و تلقائيته مع من يعرفهم مدى الابد مهما تفارقنا ما ان نلتقى من جديد اكسر كل حواجز السنين و اتعامل كأننى اراه يوميا ..لانك متى تقضي فترة مع احدهم تعرفه على حقيقته بالتالى لا اظن ان مجموعة من السنين ستغيره ..سيظل ما بينكما على اخر حال تركتوه ..اجمل ما يكون الانسان عندما يكون على طبيعته ..لا تفكر في كلمات منمقة ترد بها فقط افعل كما اعتدت دوما ..فمن امامك صديق لك يعرفك حق المعرفة لن يظن بك شيئا تخشاه ..ثق بذلك..و انتشي انك حظيت بفرصة لقاء بعد سنين و لا تدعها الاخيرة ..اما في المرة القادمة فنصيحتى لك اقبل قضاء الليلة لديه ..ذلك سيفرحه بشده ..و يفرحك اكثر ايضا ..هههههه..جرب و قل لى النتيجة.

عفوا للاطالة .

غير معرف يقول...

العزيز نور صديقك كان يتصرف بطبيعته وأنت تتصرف بطبيعتك إذا أين هى المشكله ,ليس الأمر الهام هو ما يعتقد الناس انه صحيح دائما ولكن هو مدى اقتناعك أنت بهذا,وإذا فالسؤال واقعا ليس هو لماذا لم أكن منفتحابسيطا مرحا تلقائيا وإنما السؤال حقيقه هو هل أنت تحب هذا بالفعل وتعتقد أنك إذا كنت هكذا تحقق نفسك؟

blackcairorose يقول...

هناك قصيدة لنازك الملائكة أسمها الشخص الثاني، تتحدث عن أننا بعد الغياب نجد حاجزا بيننا وبين من نحب مهما حاولنا تجاهل هذا الشخص الثاني والادعاء بعدم وجوده

سأبحث عنها وسأرسل لك الرابط يا عزيزي

سمراء يقول...

الاجابة عندك
اما انه اتغير فعلا وانت مش عايز تفقد صورته الاولى
يمكن تكون انت اتعرضت لخبرة سيئة جعلتك تضع حواجز بينك وبين من لا تعرف وبالضرورة اصبح صديقك غير معروف لك بعد سنوات البعد
ويمكن ويمكن
انت الوحيد اللي عارف

سمراء

emad.algendy يقول...

محاولة لكسر الصمت
ربما الفراق وربما لاننا نكبر فنزهد في مشاركتهم مكتفين بذاتنا
لكن ربما بالغت كثيرا في تلك الحواجز
عندما تتجاوز غايتها وتحجب عني دفء اللقاء وعفوية الطفولة فحينها لابد ان انسفها
تحياتي
دمت بخير ومحبة


************************

عاشق الدعاء:
ربما كما قلت ..حائط رابع
لكن اتمنى ان لا يعزلني حائطي عن مشاركة من احب
"كن انت دائما...ستجد الاخرين معك"
جميلة جملتك
حاضر
:)

*********************
just a girl
ههههههههههههههه
لم نكن نؤذيه في طفولته
بالطبع انا ايضا لا اتعاطف مع نفسي
اشعر انها قاسية احيانا
عملية تماما
بعد هذه التدوينة
اكتشفت انني بعد فترة فراق لاخوتي لا اعاملهم ايضا بعفوية
ااخذ وقتا لاعتاد عليهم
ليس اصدقائي فقط انما اخوتي ايضا
اصبخت الان معك تماما ان الانسان عليه ان يكون عفويا تلقائيا تماما
ليس مع من يعرفهم فقط
لكن معهم جميعا
اعتقد ايضا ان ايمن لم يتغير
ربما تغيرت افعاله وتصرفاته بحكم بيئته لكن جوهر نفسه لم يتغير
مازال محبا بسيطا رقيقا عفويا
احسده على ذلك
حاضر
ربما يبات هو عندي قريبا
الادهى انه لا يعلم موقف"عبود"
يعتقد انني "اشد الرحال للقاهرة"
هههههههههههههههههه
لم يخرج من القاهرة الا الى الاسكندرية او البحر الاحمر فقط
هههههههههههههههههههه
تحياتي
سعيد بتعليقك

**************************
العزيز ابو نزار
المشكلة انني اعتقد انني لست على طبيعتي
تعلم انني لا اكترث كثيرا لراي البشر
المهم اعتقادي انا
لذا اصبحت اعتقد الان ان المشاركة والانفتاح ببساطة وعفوية اجمل كثيرا من الحسابات والتنميق
شكرا لاخر مرة استمعت فيها الي
ثبتك الله
تحياتي

**********************

في انتظار رابطك
تصوري ان يصبح كل من تعرفيهم شخض ثاني؟؟
اي جفاء وقحط ساشعر به؟؟
انا افترض الشخص الثاني ا1ا مرت فترة صغيرة لم اره فيها اعتبره شخص ثاني
شكرا روز على اهتمامك
وشكرا على الرابط مقدما
تحياتي

****************
سمراء
ربما هي تجربة سيئة بعض الشيء
اميل لدلك اكثر
لكن علي ان اتجاوزها
اتمنى ان اكون كصديقي
عفويا بسيطا
تحياتي