١٤‏/٠١‏/٢٠١٠

فئران*

استنفذ حسني كل طريقة لاخراج الفئران من بقالته,لم يكن يسمع باسم سم فعال الا ووضعه لها, زارت بقالته كل شركات مكافحة القوارض المحلية والعالمية, كان يستورد بضاعته الجديدة ليلا,فيودعها ثلاجاته باغلاق محكم,ياتي الصباح فلا يجد الا الفتات,كان على يقين ان المصائد لن تصطاد ابدا هذه الجحافل ,لكنه اراد ان يكمل اللعبة الى النهاية,وضع ستة منهم في قفص,وتركهم يموتون تدريجيا,الأدهى انه اخذ قفصه الى منزله واخذ يراقب موتها من بعيد.....


فئران القفص كانت متباينة في حجمها وقوتها,بعضها صغير ضعيف,وبعضها اقرب الى الارانب,لكن جميعها كانت تتحرك بحيوية في القفص ذهابا وايابا,انقضت الليلة الاولى فخمدت قواها جميعا,اصبح "حسني"يتلذذ بمراقبتها,ماحدث كان عجيبا...فالفأران الصغيران انزويا في جانب من القفص, بينما اخذ الفأران الكبيران الاقتراب منهما , لم يصدق حسني عيناه عندما رآها تنقض عليها كالسهم ,غامدة قارضيها في عنق الصغار, وفي اقل من لحظة انتهى كل شيء, واختفى كل مايتعلق بالفأرين الصغيرين, اصبحت تلك الكبيرة اكثر وحشية وضراوة ,تتحرك بجنون في ارجاء القفص, انتبه حسني لقوارضها التي بدات تضمحل شيئا فشيئا, لاحظ بروز انيابها التي اصبحت اكثر حدة,نام حسني ليلته قرير العين مطمئن البال,فهو قد ايقن ان معضلة بقالته في طريقها للزوال....

استيقظ حسني مبكرا راكضا الى قفصه ليجده خال تماما الا من الفأرين الكبيرين أصبحت حركتها جنون مطلق , التهمت في ليلتها الفارين الاخرين ,وضع لها كل ما يملك من جبن,كانت تقترب من جبنه فتشمه بأنفها, ثم تعود لحركتها الجنونية, تبسم حسني وانطلق بقفصه الى بقالته....

في البقالة فتح القفص...اخرج الفأرين ..ثم لاذ بالفرار بعد ان اغلق بقالته بعناية...مر يوم بأكمله,ثم اتجه حسني الى بقالته,ليجد الجرذين تضخما اضعاف ماكانا عليه, قهقه بصوت عال..ثم هوى عليهما بحجرين كبيرين...ثم باشر نشاطه في بقالته بسلام....

********************************
لماذا اصبح وطني قفص فئران كبير؟؟كم فأرا حاول ان يلتهمك اولا؟؟لم نعد نقنع بالكفاف,أدمنا رائحة الدم, يتجاوز عدد ما أرى من فئران في كل يوم العشرة,بداية من سائق الميكروباص لامين الشرطة لعميد كليتي حتى إلي وإلى زملائي....
هنا على انفسنا فهنا على الناس
اصبحنا فئران تنهش بعضها لينعم حسني في بقالته


*عنوان القصة وفكرتها لعزيز نيسين:كاتب تركي

هناك ٤ تعليقات:

ابو نزار يقول...

آخر فتوى للشيخ القرضاوى اطال الله عمره قال فيها ان بناء الجدار الفولازى على غزة هو قتل بالترك وهو ان تترك رجلا فى بيت وتغلقه عليه دونما طعام أو شراب حتى تعود بعد ايام وقد مات,يبدوا ان بقالنا العزيز قد اراد فتح لفرع بقالته فى قطاع غزة ...ألا لك الله يا غزة من بقالى مصر

سمراء يقول...

لاننا فئران او ارانب ولسنا اسود او نمور او فهود او حتي قطط

سمراء

محاولة لكسر الصمت يقول...

لماذا اصبح وطني قفص فئران كبير؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ربما لأن الناس _ضعفا- صاروا يسمون الاستسلام للظلم رضا بقضاء الله وقدره..

والصبر مفتاح الفرج,وقدر الله وماشاء فعل وما"ضاقت إلا لما فرجت" تلك العبارات المتكررة والتي يدعي البعض أنها دليل على تدين هذا الشعب. في حين أنها ليست سوى دليلا دامغا على بعده عن الدين..فالساكت عن الحق شيطان"أخرس"ـ


تحياتي

emad.algendy يقول...

ابو نزار
هو اسلوب ومبدا اعتمده بقالنا مع اهل بيته
فكيف بالغريب عنه وفق تفكيره؟


****************
سمراء:
اسعد بزيارتك
وهذه ليست مجاملة
اعتذر ان كان في التدوينة نوع من جلد الذات لكوني لا احبه
لكن هذا ما اشعره تجاه وطني
قفص فئران يحتوينا جميعا

******************
محاولة لكسر الصمت:
الادهى انهم او اننا رضينا بقضاء الله وقدره لكننا ناكل بعضنا ايضا؟؟؟
وهذا ابداع مصري خالص على الجمع بين نقيضين
تحياتي