٠٥‏/٠٣‏/٢٠١١

غربة

في عامه الاول في وطنه,اعتقد  ان غربته في البلد الخليجي,حالت دون ذوبانه في اهل وطنه, كان يتعجب للكثير من افعال اهله ,حديثهم الذي لايدرك مغزاه,اجتماعياتهم المقيدة,ردود افعال صحبه التي لايفهم توقيتها واسبابها,ضحكاتهم التابعة لقول احدهم,ووجومه حيث لا يدرك سبب ضحكهم!!كلمات مثل"حركات مصريين"كلام مصريين" "فهلوة مصريين" لم تفارق لسانه,شعوره انه راحل لم يفارقه,هو لاينسى حيث كان يحادث صديقه في وطنه,فانسابت هذه الكلمة من لسانه دون ان يلقي لها بالا:"هناك في مصر الناس...بينما هنا في
الغربة الناس...."

   !!! صمت صديقه وذهل ثم اخبره:عماد!!!نحن "هنا" في مصر,لسنا "هناك"في مصر






للغربة مذاق خاص وللغريب مساحة حرة ,هو عندما صاحب اهل مدينته,ابهجه ترحيبهم وتطلعهم له,فالغريب يحمل احتمالات التغيير,يحرك ركود بركهم ,ومجهول يتم اكتشافه,للغريب قصصه ونمط حياته المختلف,حكاويه لهم تجعله موضع اهتمام لفترة,ابتهاجهم به قابله بحديث عن الفراق ,كان يؤكد لهم انه ليس ملزما باي شيء اتجاههم,فهو لا يعلم اين تاخذه حقيبته غدا,هو لا يمتلك اي جذور معهم,لاذكريات او معارف تربطهم ,ثقته في صداقتهم كانت عدما,وذلك كان يريحه كثيرا,فيبقي نفسه على الهامش ,مستمتعا بتقييمهم ومراقبتهم,يراقب تصرفات من حوله بموضوعية,فيقيمها ويحللها, ليصنفهم دون ان يشاركهم,ابدا لم يكن مسؤولا ملزما او عليه واجب,يجمع بين اللامبالاة والاهتمام,حر في ردود افعاله,غربته عنهم تكسبه مساحة للادراك والفهم والتقييم,تبقيه محايدا دون ان
يتحيز لاهله او يغضب لهم,حتى ان الفته كلما ازدادت بهم ازدادت مقارنته ونقده لهم








ستة اعوام مرت,ومازال يلوك كلماته عن المصريين,مايدركه  الان ان البلد الخليجي ابدا لم يكن سببا,انما شيد عماد غربته فيه وجعلها ملاذ امنه,غربته اصبحت وطنه,لكنه وطن لا يكفيه ولا يملا كيانه,هو  اتقن دور الغريب,غريب حاله بين الاقامة والرحيل,فهو لا يتمتع بامان الاقامة ولا بحرية الرحيل,غربته حجمته كثيرا,ابقته في خانة لا يتجاوزها,جعلته على الهامش,يعايشهم ويحادثهم لكن لا ينتمي لهم,مبتور بلا ظهر او سند,وجوده يجمع بين القرب والبعد,الحضور والغياب


 ,يد الغريب قصيرة ,ولسانه ابدا كليل,الغريب اذا اقبل لم يرحب به واذا ابتعد لم يسال عنه ,واذا تحدث لم يسمع له*,كيف لليد القصيرة واللسان الكليل ان يغير؟كيف له ان يبني ويشيد؟لاعجب ان محمدا  آخا بين المهاجرين والانصار,لئلا يغتربوا في انفسهم,فيعدموا عملهم وتلجم افواههم,عماد الان يفتح قلبه لهم,يخالطهم ويهاديهم ويلين لهم,يهتم بابسط تفاصيلهم,ويحاول ان يذوب فيهم ,متجاوزا تنميطهم وتقييدهم, هو يسال عن واجبه اتجاههم فيؤديه ضعف ما قالوا,يرفق بنفسه ولا يقيمهم او يصنفهم ,فينشغل بعيوبه ومناقصه,عساه يقول يوما "نحن" بتلقائية,او ان يتحيز لهم ويثور غضبا ان مس احدهم اهله بسوء,عساه يستوطن قلوبهم,ويامن لوطنه





*ابوحيان التوحيدي بتصرف
الافكار بخصوص الغريب لجورج سيميل
تدوينتك القادمة اسمعهم انتظرها في15/3

هناك ٨ تعليقات:

نور يقول...

مساؤك خيـــر وبركة
إنْ وصلَ عماد إلى مرحلة أن يقول " نحن " بتلقائية .. لم يعد غريباً ولم تعد غربة ,,,

إنها مرحلة ذوبان مع عدم التنكّر للذات وللوطن الأم ,,,

راق لي عبوري حيث عالمك " بهدوء
دمت بكل خيــر أخي الكريم

emad.algendy يقول...

عساه يذوب فيهم
بالامس فقط عاملت شخصا قريب مني بصورة فظة
تذكرت ما كتبت فتبسمت وعاودت التلطف من جديد
عساه يذوب فيهم

تحياتي لنور

Saif يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

ليست الغربة في البعد عن "الوطن الأم" أو القرب منه ...

و ليست الغربة في أن تعيش مع ناس جدد ... لهم نمطهم في الحياه بما يختلف كليا عما تعرفه و تعودت عليه ..

الغربه بالنسبة لي أن تعيش في في أوهامك "عاقلا" و تكون في الواقع "مجنونا" ....

تتصور الصواب في عقلك ... تفعل ما يمليه قلبك و صوت ضميرك .. فتقابل تلك " المعقوليه" بالإستنكار و الإستهجان ... فتتهم بالتمرد و إبتكار البدع!!

الغربه في أن تبحث عن ملاذ يجمعك بزمرة من البشر .. تتحادثون و تتناولون مختلف المواضيع .. على أنغام نجاة الصغيرة و هي تغني ( القريب منك بعيد و البعيد عنك قريب ) .. دون أن يصيبك الذعر و الهلع بعد ثوان معدوده من فرقاهم .. فتحس بالخناجر تخترق ظهرك ... غيبه و نميمه .. تلك كانت مجرد "إبتسامات" لا بل "إداعاءات" ..

الغربه في أن تراقسما كبيرا من مجتمعك يتغير .. فتلقاه أصبح تافها منحطا .. يثير الإشمئزاز في نفسك ... لا تشتريه بأبخس الأثمان .. ترا الناس يتغيرون و يتحولون .. فلا تتكبد عناء السفر لتحس بالغربه ... فأنت غريب في بلدك المتحول !!!

emad.algendy يقول...

العزيز سيف
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
اعتقد ان تعليقك يحتاج تدوينة خاصة
اعجبني كثيرا قولك

الغربه بالنسبة لي أن تعيش في في أوهامك "عاقلا" و تكون في الواقع "مجنونا"

اما عن غربتنا لسوء فعلهم وقولهم
فبامكانك ان تزرع المحبة دون انتظار لرد فعل منهم
فقط عاملهم بود تام ومحبة طاغية فنور ضمائرنا آن له ان يسطع على ظلمات غيرنا

كل التحية لك
اثراني تعليقك كثيرا
اتمنى ان نتواصل اكثر
تحياتي

رشيد أمديون يقول...

مساء الخير
محاولة الإنصهار في نمط عيش الأخرين ومعاشرتهم بالحسنى تلك أشياء أظنها تتكون مع مر الزمن، لكن ربما يعود الحنين في يوم من الأيام إلى عماد ليتذكر كيف كان من قبل، وكيف كان نمطه في الحياة.

تحيتي أخي الكريم، راقني ما قرأت.

مدونات من اجل التغيير يقول...

http://www.blogs4change.com/?p=1387

إنسان || Human يقول...

لا اعلم ما اقول لك ... ولكن تلك هي مشاعري بالضبط منذ عشرة سنوات ...يااااه تخيل اول مرة اخد بالي انهم عشر سنين .... ولكن لا تتخيل ابدا ان ذلك الشخص المنطوي على نفسه بدون اصدقاء في هذا الوطن الجديد ... ولكن سرعان ما بدأ الذوبان ...صدقني هذا المجتمع يجذبك بقوة لتفاصيله لندس بين ثنايه وتصبح منه وفيه ..تجد صعوبة في البداية ولكن انه الوقت كلمة السر هي الوقت ...

تجتاحني الذكريات من الحين إلى الآخر ... تلك المنطقة القديمة التي لها مذاق رائع كلما ولجت إليها ...الماضي

emad.algendy يقول...

العزيز ابو حسام
تماما كما قلت
هو بين محاولة انصهار وحنين لماضي
راقني ايضا مرورك
تحياتي



Human
عزيزي بدات ادرك هذا الكجتمع الان فقط
اعتقد انني تاخرت قليلا
جذبتني تفاصيله كثيرا
الان فقط اعشق كل حارة ضيقة تتقارب فيها عتبات المنازل لحد الالتصاق فتشكل رصيفا واحدا لسكان حارتها
تماما كما يفعل اهلها
وكان بيوتهم شابهتهم فاحتضنت بعضها بعضا
عفوا
وكان بيوتنا شابهتنا فاحتوتنا جسدا وحجرا وروح


اما عن ماضيه الذي يحن له
فقد جمع كل ما يذكره به ووضعه في صندوق لا يفتحه الا نادرا كل عام مرة ربما
اصبح يستثقل محادثة اصدقاء غربته لانهم فقط سيذكروه بما كانه
عساه يتصالح مع ذلك
دائما يثريني مرورك محمد
تحياتي