٢٦‏/٠٣‏/٢٠٠٨

اغانيهم ...روابطنا ...والواقع



البداية كانت مع أكثر الأغاني محبة لقلبي ,عندما أسمعها أنعزل تمام عن كل ما يحيطني, وأرحل الى عالم اخر تصنعه الكلمات والألحان, عالم سرابي يفيض نورا وصفاء, ينسيني كل ما أمر به ويجعلني أدرك معاني الأشياء من جديد, لكن بأحاسيس مرهفة شفافة أكثر عمقا واختمارا, كم أحببت ارتحالي له وسكني بين خلود الكلمات وشجن الألحان.



أدمنت سماع أغنيتي المفضلة, أحيانا كانت لاتتوقف أبدا بداخلي ,مصاحبة لي في كل عمل ,كلما ازداد واقعي سوءا أهرب اليها ,أنعزل خلفها عن كل ما يقلقني, أرحل الى السراب باحثا عن التغيير ,لكن واقعي كلما سمعتها كان يتجه الى الأسوء, كنت أعتقد أنه سيتغير بمجرد سماعي وهروبي اليها ,لم أكن أغير واقعي وأواجهه بقدر ما كنت أسمعها ......الان عندما أسمع مجرد بدايتها أشعر بشيء ثقيل على صدري, وشجن خفي موحش وخواء نفسي رهيب .....ببساطة أغنيتي المفضلة كانت أفيوني لفترة ثم أصبحت الان رابطا سلبيا لي.


يبدو أنني تأخرت كثيرا في ادراك هذه الروابط ,فشركات الدعاية والأعلان تضع لحنا مميزا لمنتجاتها, لحنا بسيطا مبهجا تصاحبه الكثير من البسمات ,مع جملة قصيرة تحمل مشاعر البهجة والمحبة, لديك مثلا جملة "أنا أحبه" "am lovin it" لماكدونالدز فور سماع أي منا لهذه الجملة القصيرة ,نعلم تحديدا المنتج وقد يتغير مزاجنا ان رأينا فقط شعار ماكدونالدز الأصفر, ذلك كله يحفزك أكثر لتنعزل عن أي واقع وتتذكر البهجة والاستمتاع والبسمات المصاحبة للاعلان, لتفيق على وجبة مقدمة اليك بعد طابور طويل وانتظار ممل وبحث مضني عن اي طاولة فارغة, لكنك مع كل ذلك تستشعر البهجة والمتعة والبسمة.



اصدقائي ايضا أدركوا هذه الروابط وهذا الانعزال عن الواقع, بعضهم لا يفارق المحمول يداه ,قائمة أغانيهم المفضلة تصاحبهم في كل حدث, تملأ فراغا لا بد أن يكتمل بأي شيء ,لا أعلم ان كانو يسمعونها فعلا و يعلمون ما يقال ام انها خلفية لحياتهم بشكل عام, قد لا يغلبهم النوم الا بأغانيهم المفضلة, كيف يستعين انسان بكل هذا الصخب والصوت العالي لينام ؟؟هل ينامون فعلا؟؟




اغانيهم ليست اكثر من حالة عاشها أحدهم وعبر عنها وابدع بها ,ليست حياة او طريقا او حتى حقيقة, قد نسمعها ونستمتع بها , لكن في مقامها البسيط.... نسمعها لتبهجنا وترهف مشاعرنا ,لا لتقودنا وتوجهنا ,ان استفدنا منها كشركات الدعاية والاعلان فلا باس, لكن ان ننعزل خلفها وان نضع جميعا سماعات الاذن كجدران عازلة بيننا جميعا او ان نحلق الى السراب بحثا عن التغيير, دون ان تلامس اقدامنا ارض الواقع .......بالتاكيد سنتغير لكن للاسوا.






بهدوء:

اغانيهم ان نملكها لا ان تغيبنا
واقعنا يتغير بنا. بمواجهته.
احلامنا ستصبح حقيقة ان حاولنا تحقيقها







هناك ١٤ تعليقًا:

الجنوبى يقول...

ياه ماروع الهدوء
تحياتى لك اولكى على هذه المهارة الرائعة التى وصلت الى اعماقى بسلاسة

كل التقدير
عمرو

أبو نزار عبد الرحمن الشرقاوى يقول...

ما أجمل كلماتك وأسلسها وسهوله وصولها بالمعنى إلى الأعماق وحقا ما خرج من القلب فإلى القلب يصل وما بدأ من السان انتهى إلى حيث وقع من الآذان,تقول العرب الشىء بالشىء يذكر والذكرى تستدعى الذاكرة فاللاوعى داخلنا يربط بين مثل هذه الاغانى او الألحان او ربما الاجواء او الروائح بثمه حدث أو ذكرى أو احساس معين يسترجع من دون وعى إذا سمعنا الحن او شممنا الرائحه أو أحسسنا بالجو وكما تقول عزيزى هذه الأحاسيس قد تعزلنا بما استجلبته من أحاسيس الماضى عن الواقع الفعلى فتسجننا فى ماضينا أو احلامنا بدلا من ان تساعدنا.
عزيزى نور إنه لمما يسعد له المرأ ان يكون لك صديقا.

Hossam Nasr يقول...

السيد Nooor

من فضلك راسلني على
the.anti.efe@gmail.com

شكر الله لك

emad.algendy يقول...

عزيزي عمرو
سعيد بتواصلك معي
منور المدونة
يارب ماتكونش الاخيرة
شكرا على المجاملة الرقيقة
تحياتي

emad.algendy يقول...

عزيزي ابو نزااااار
اشتقت اليك
مضى وقت طويل لم احادثك فيه
ارجو ان اكون عند حسن ظنك
وكم يحمل اللاوعي عندنا من ذكريات وراوبط
تحياتي لاثرائك

emad.algendy يقول...

السيد whispers

سعيد بتواصلك معي
جاري التواصل عبر الايميل
ارسلت ايميل بالفعل

تحياتي

موناليزا يقول...

ولذلك يوم ما قررت ان اقلع عن هذه العادة لم يكن بالساهل
تقبل مرورى

صوت من مصر يقول...

كلماتك رائعه سانتظر كل يبت وكل اول شهر للقصه الجميله

emad.algendy يقول...

موناليزا:
من الجميل ان تقلعي عن هذه العادة
تحياتي لمرورك

emad.algendy يقول...

عزيزي
صوت من مصر
تحياتي لمرورك
اتمنى ان تجد دائما مايسرك
تحياتي

DayDreaming يقول...

حاسه ان البوست ده بالذات ماشي مع اسم المدونه اوي

بهدوووووووووووووووء

Ali Korkor يقول...

اولا
حقيقي كلامك جميل و اسلوبك مؤثر

ثانيا
لسوء الحظ انا الاغنية بتاعتي مجرد حلم يقظة بالنسبة لي

emad.algendy يقول...

daydreaming
سعيد بعودتك
عود احمد

emad.algendy يقول...

علي باشا
منور المدونة
شكرا لزوقك
يارب تكون احلام محققة
تحياتي