البداية كانت مع أكثر الأغاني محبة لقلبي ,عندما أسمعها أنعزل تمام عن كل ما يحيطني, وأرحل الى عالم اخر تصنعه الكلمات والألحان, عالم سرابي يفيض نورا وصفاء, ينسيني كل ما أمر به ويجعلني أدرك معاني الأشياء من جديد, لكن بأحاسيس مرهفة شفافة أكثر عمقا واختمارا, كم أحببت ارتحالي له وسكني بين خلود الكلمات وشجن الألحان.
أدمنت سماع أغنيتي المفضلة, أحيانا كانت لاتتوقف أبدا بداخلي ,مصاحبة لي في كل عمل ,كلما ازداد واقعي سوءا أهرب اليها ,أنعزل خلفها عن كل ما يقلقني, أرحل الى السراب باحثا عن التغيير ,لكن واقعي كلما سمعتها كان يتجه الى الأسوء, كنت أعتقد أنه سيتغير بمجرد سماعي وهروبي اليها ,لم أكن أغير واقعي وأواجهه بقدر ما كنت أسمعها ......الان عندما أسمع مجرد بدايتها أشعر بشيء ثقيل على صدري, وشجن خفي موحش وخواء نفسي رهيب .....ببساطة أغنيتي المفضلة كانت أفيوني لفترة ثم أصبحت الان رابطا سلبيا لي.
يبدو أنني تأخرت كثيرا في ادراك هذه الروابط ,فشركات الدعاية والأعلان تضع لحنا مميزا لمنتجاتها, لحنا بسيطا مبهجا تصاحبه الكثير من البسمات ,مع جملة قصيرة تحمل مشاعر البهجة والمحبة, لديك مثلا جملة "أنا أحبه" "am lovin it" لماكدونالدز فور سماع أي منا لهذه الجملة القصيرة ,نعلم تحديدا المنتج وقد يتغير مزاجنا ان رأينا فقط شعار ماكدونالدز الأصفر, ذلك كله يحفزك أكثر لتنعزل عن أي واقع وتتذكر البهجة والاستمتاع والبسمات المصاحبة للاعلان, لتفيق على وجبة مقدمة اليك بعد طابور طويل وانتظار ممل وبحث مضني عن اي طاولة فارغة, لكنك مع كل ذلك تستشعر البهجة والمتعة والبسمة.
اصدقائي ايضا أدركوا هذه الروابط وهذا الانعزال عن الواقع, بعضهم لا يفارق المحمول يداه ,قائمة أغانيهم المفضلة تصاحبهم في كل حدث, تملأ فراغا لا بد أن يكتمل بأي شيء ,لا أعلم ان كانو يسمعونها فعلا و يعلمون ما يقال ام انها خلفية لحياتهم بشكل عام, قد لا يغلبهم النوم الا بأغانيهم المفضلة, كيف يستعين انسان بكل هذا الصخب والصوت العالي لينام ؟؟هل ينامون فعلا؟؟
اغانيهم ليست اكثر من حالة عاشها أحدهم وعبر عنها وابدع بها ,ليست حياة او طريقا او حتى حقيقة, قد نسمعها ونستمتع بها , لكن في مقامها البسيط.... نسمعها لتبهجنا وترهف مشاعرنا ,لا لتقودنا وتوجهنا ,ان استفدنا منها كشركات الدعاية والاعلان فلا باس, لكن ان ننعزل خلفها وان نضع جميعا سماعات الاذن كجدران عازلة بيننا جميعا او ان نحلق الى السراب بحثا عن التغيير, دون ان تلامس اقدامنا ارض الواقع .......بالتاكيد سنتغير لكن للاسوا.
بهدوء:
اغانيهم ان نملكها لا ان تغيبنا
واقعنا يتغير بنا. بمواجهته.
احلامنا ستصبح حقيقة ان حاولنا تحقيقها
هناك ١٤ تعليقًا:
ياه ماروع الهدوء
تحياتى لك اولكى على هذه المهارة الرائعة التى وصلت الى اعماقى بسلاسة
كل التقدير
عمرو
ما أجمل كلماتك وأسلسها وسهوله وصولها بالمعنى إلى الأعماق وحقا ما خرج من القلب فإلى القلب يصل وما بدأ من السان انتهى إلى حيث وقع من الآذان,تقول العرب الشىء بالشىء يذكر والذكرى تستدعى الذاكرة فاللاوعى داخلنا يربط بين مثل هذه الاغانى او الألحان او ربما الاجواء او الروائح بثمه حدث أو ذكرى أو احساس معين يسترجع من دون وعى إذا سمعنا الحن او شممنا الرائحه أو أحسسنا بالجو وكما تقول عزيزى هذه الأحاسيس قد تعزلنا بما استجلبته من أحاسيس الماضى عن الواقع الفعلى فتسجننا فى ماضينا أو احلامنا بدلا من ان تساعدنا.
عزيزى نور إنه لمما يسعد له المرأ ان يكون لك صديقا.
السيد Nooor
من فضلك راسلني على
the.anti.efe@gmail.com
شكر الله لك
عزيزي عمرو
سعيد بتواصلك معي
منور المدونة
يارب ماتكونش الاخيرة
شكرا على المجاملة الرقيقة
تحياتي
عزيزي ابو نزااااار
اشتقت اليك
مضى وقت طويل لم احادثك فيه
ارجو ان اكون عند حسن ظنك
وكم يحمل اللاوعي عندنا من ذكريات وراوبط
تحياتي لاثرائك
السيد whispers
سعيد بتواصلك معي
جاري التواصل عبر الايميل
ارسلت ايميل بالفعل
تحياتي
ولذلك يوم ما قررت ان اقلع عن هذه العادة لم يكن بالساهل
تقبل مرورى
كلماتك رائعه سانتظر كل يبت وكل اول شهر للقصه الجميله
موناليزا:
من الجميل ان تقلعي عن هذه العادة
تحياتي لمرورك
عزيزي
صوت من مصر
تحياتي لمرورك
اتمنى ان تجد دائما مايسرك
تحياتي
حاسه ان البوست ده بالذات ماشي مع اسم المدونه اوي
بهدوووووووووووووووء
اولا
حقيقي كلامك جميل و اسلوبك مؤثر
ثانيا
لسوء الحظ انا الاغنية بتاعتي مجرد حلم يقظة بالنسبة لي
daydreaming
سعيد بعودتك
عود احمد
علي باشا
منور المدونة
شكرا لزوقك
يارب تكون احلام محققة
تحياتي
إرسال تعليق