١٨‏/١٠‏/٢٠٠٨

ركود

وقف على حافة البحيرة....تأمل صفوها وسكونها...نسمة رقيقة داعبت سطحها خلقت امواجا مضطربة على استحياء...على حافتها وبين صخورها لا حظ اخضرارا داكنا....اقترب منه وانحنى له ثم لامسه بانامله....ليجده خضار هلامي لزج لا يجدي نفعا....في عمقها يكمن اصل الحياة ...لكنها لا تسمح له بمغادرتها...


تامل رحلة قطرة مطر من سحاب معلق بشموخ وعظمة لسطح البحيرة....ارتطام القطرة بسطحها يدق جرس وصولها...ارتطام قاس مدمر تضيع به ملامحها...سطحها يعكس غليانا لاستقبالها ضيفا جديدا ...كان ظلا يوما او حياة لغيره...الان اصبح مصير قطرة المطر مشابه لاخواتها....عليها ان تشاركهم لحن الصمت والسكون ...او ان تكون جزءا من طحالبها..


امسك بصخرة صغيرة وقذفها بكل قوته...لتستقر في منتصفها...تامل ما اثارته صخرة صغيرة من دوامات وارتجاج...تعجب كيف عادت لصمتها بعد هول صدمتها...تساءل كم ابتلعت من صخور؟؟ كم يسكن قاعها من صخور الاخرين؟؟؟ تعجب كيف يسكنها ويحيط بها الموت مع ما تحمله من حياة؟؟

تذكر كم كان يكره هدير الماء على ضفة نهره....ادرك ان النهر كان حياة لغيره....يحمل كل قطرة ماء من نبع او مطر ليبعث بها اخر....لا تستقر قطرة فيه على حالها...يغير مجراه ويتجدد كل لحظة...منحه يستوعب كل حاجة...يصل بعطائه لهم جميعا....لا تقهر الرياح مجراه او تغيره...كل قطرة يحملها نبض حياة لاخر....لاشيء فيه الى العدم...صخورهم يقهرها بحركته وعنفوانه....يكلل مجراه كل لون وعبق يبهج نفوسهم...عطاؤه يمنحه جمالا وبهاء....مجرى النهر واستيعابه لهم يحييه ويحييهم.....

كم عايش منهم انهارا وبحيرات....مضى ومازال يسأل...الى ايهما ينتمي؟؟

عساه يكون نهرا.......
*******************************
********************
**********
تحديث:
وصف نور للبحيرة او للنهر ليس ماديا فقط....
انما قصد به ان يعمم الصورة على من عايشهم من اشخاص بحيرات كانوا او انهار......
البحيرة تعكس شخصا منغلقا انانيا لاتتجاوز افكاره حدود نفسه ....عطاؤه مقتصر على نفسه ....مع ما يحمله من روح باستطاعتها وهب الحياة لاخر بمجرد العطاء
انغلاقه سبب في احياء بعض الامراض"الطحالب" بداخله....يسقيها من نفسه ومن روحه مع كونها عديمة الفائدة سوى كونها طحالب"امراض"
هو ايضا يرفض اي خير من اي روح"قطرة مطر"اخرى
يهضمها بداخله ويصيرها جنديا في مملكة نفسه فقط"قطرة المطر بعد وصولها للبحيرة وارتطامها" "تضيع بها ملامحها"
يرفض اي عطاء من اخر اعتقادا انه لا يحتاجه....لايسمح له بمغادرة حدود نفسه لاخر يحتاجه.....
"ضخور الاخرين"تعكس تعاملاته مع غيره....قد يتضرر كثيرا منهم....لكن كونه لا يستطيع ان يتجاوز حدود نفسه
فهو يمرر كل اذية وكل خطا منهم تحت ستار من الصمت .....لكن بنفس تحمل كل الكراهية والاحقاد"كم يسكن قاعها من ضخور الاخرين"
النهر على النقيض تماما....
النهر يعكس شخضا معطاء يتجاوز نفسه لهم
عطاؤه يحييه ويزده جمالا وبهاء...
يتقبل عطاء غيره له ويوصله لاخر ايضا يحتاجه
"صخور الاخرين"لاتعني له شيئا
شخص يتجدد كل لحظة بتجاوزه لحدود نفسه....
اتمنى ان تقرا تدوينتي مرة اخرى بعد ما وضحت لك....نور اعتقد ان المعنى واضح في جملة"كم عايش منهم انهارا وبحيرات...عساه يكون نهرا"
اعتذر عن الرمز..لكن احببت فقط ان يكون التعبير كما رايت.....شاركني اي معنى اخر وصلك....
لك ان تقرا تدوينتي بالصورتين...حسية كانت او رمزية.....
تحياتي

هناك ٨ تعليقات:

maxbeta3zaman يقول...

أسلوب أدبى جميل يانور ... وتأمل أعمق لسر المياه كونها أصل الحياة ...ذكرتنى الصورة بحلقة تليفزيونية للدكتور مصطفى محمود "العلم والإيمان " كان يعلق على صور بكاميرا سريعة للحظة ارتطام الماء بسطح صلب كانت صورا تعرض ببطء لقطة لقطة ...كما لو كنا نكبر الزمن ...ومما أدهشنى أيضا أن تأمل القاء الحجارة فى الماء كانت أكثر الهوايات حبا لدى ابنى " نور الدين " فقد كان يجمع الحجارة فى جيبه ...وينتظر فرصة خروجنا معا كأسرة ليستوقفنا عند أقرب مكان به ماء ...فينزل ليرمى الطوب واحدة تلو الأخرى ويستمتع بصوت الارتطام وما يحدث من هالات موجيه حول كل حجر يلقيه من فوق الكوبرى " كوبرى منطقة المكس " فى الإسكندريه ..كان عمر نورنا وقتها 3 سنوات ...أليست مفارقة غريبه؟؟؟

emad.algendy يقول...

ماكس بتاع زمان
سعيد بتشريقك مدونتي
سعيد باثرائك ايضا
لكن قد يتجاو ما كتبته مجرد صورة حسية للمياة او البحيرة
لتصل لاشخاص ونفوس وطباع
ساضيف ذلك في التدوينة ليكون اوضح
عساك تقراها بعد التعديل مرة اخري
من هواياتي ايضا رمي الطوب هلى المياه الساكنة
تحياتي لنوركم
جعله الله لكم نورا

تحياتي

Adham يقول...

:)
أعجبني الرمز والمعنى..
أعجبني عمق المعنى خصوصًا :)

تحياتي لك يا نور

غير معرف يقول...

السلام عليكم. بسم الله ماشاء الله عليك يا نور باشا طول عمرك والله.
كلام جامد وانا شايف انه من اروع ما قرات لك.
المرة دي اظهرت اتقانا شديدا بالمضمون مع حسن اختيار الامثلة مع شدة الشبه بين ما ترمي اليه وبين الامثلة .بجد جميل جدااااااا.
انا ليه تعليق بسيط بس ياريت يتسع صدرك ليه انا شايف ان البحيرة مش دقيقة اوي وانك لو خليتها بركة هيبقى افضل مع ان بحيرة توحي بالفكرة جدا لكن وجهة نظري الضعيفة تقول ان بركة اشد شبها بل ان المطر بيغير في النهر والبحيرة وبيديهم روح جديدة فعلا لكن عمر ما البركة نضفت مهما اديتلها مطر بتفضل برده مرتع الامراض والحشرات. ربنا يعيذنا واياك من ان نكون بركة ولا حتى بحيرة بل نكون انهارا تعطى دون ان يعطى لها وان اعطي لها شكرت وزادت من عطائها امين.
محمد خالد الديب

emad.algendy يقول...

عزيزي ادهم
اسعد بزيارتك
دمت بخير


*************
محمد
سعيد باقتراحك
وجهة نظر قوية
استخدمت بركة في البداية
لكن وجدت انها لا تحمل المعنى كما اريده
اردت ان يداعب جمال البحيرة وبعض صفوها وهدوئها القارىء
البركة كانت منفرة من البداية
لا اتحدث عن شخص منفر من البداية لا يحمل سوى الجراثيم والامراض
اتحدث عن شخص به شيء بسيط من الركود والانانية عليه ان يتجاوزه
اسعدني تعليقك حقا
دمت بخير

تحياتي

غير معرف يقول...

الله يبارك فيك ياعسل.ممكن اقتراح تاني عشان تبقى دراسة بجد لاني فعلا شايف ان الموضوع مهم في فهم نوعيات البشر الاقتراح هو ان البركة تمثل شخصية تالتة ممكن تنضاف و المطر برده بيمثل شخصية اجمل من التلاتة.
انا عارف اني رخم بس انا معجب بالموضوع جدا لدرجة انني عاوز يبقى بدرجة عالية من الكمال.
اتمنى لك دوما حسن الفهم وحسن الاداء والقبول من الله عزوجل.امين.
محمد خالد الديب

emad.algendy يقول...

عزيزي محمد
سعيد بتواصلك
معك كل الحق....قد نطنب قريبا في وصف الشخصيات....
تواصلك يسعدني...
اللهم امين

maxbeta3zaman يقول...

بنى العزيز.. عدت كطلبك لقراءة مابعد التوضيح ففهمت قصدك الآن ..الماء رمز ومحتواه أيضا رمز ...كده الموضوع بان ولك منى هديه طازجه هى هذا الرابط التالى أذهب اليه تجد قصيده جميله لعمنا الأبنودى اسمها الاسم المشطوب واثق انها ستعجبك
http://www.werathah.com/phpbb/showthread.php?t=7270