هل قرأت عن حيلة البطيخة؟
من المعروف ان القانون الاسرائيلي يمنع رفع العلم الفلسطيني ويقدم المتهمين للمحاكمة,فالعلم يثبت وجود شعب غائب في ادراك العدو,فهم يتوهمون ان ارض فلسطين هي ارض بلا شعب ,لشعب بلا ارض,رفع العلم يؤكد وجود شعب بهوية ثابتة راسخة,تماما كما يصر اي فلسطيني أصيل تتعرف عليه,يصر على ارتداء كوفية فلسطينية لتكون أيقونة تعريفه لنا جميعا,ولتصبح كوفيته حق عودته وسياج هويته,الكوفية لا تختلف عن مفاتيح نحاسية,يحتفظ بها المهجرون من منازلهم وكأنها قطع من ماس ,مفاتيح صدئة,لمنازل بلا وجود ولا ابواب.... غير انها مفاتيح هوية حفظت من النهب والتبديل ....هوية يدور عليها صراع شرس.....
ابداع المنتفضين يصل الى ذروته بحيلة البطيخة,التي كتبت عنها الصحافة الاجنبية لكن لم تذكرها اي صحافة عربية,فعند مرور القوات الاسرائيلية أمام اي ارض فلسطينية,يقوم الفلسطينيون بقطع بطيخة الى نصفين ثم يرفعون احد النصفين وكل لبيب بالاشارة يفهم,اذ انه سيرى الوان البطيخة المقطوعة ,فهي حمراء وقشرتها خضراء وبيضاء وبذورها سوداء_العلم الفلسطيني_,كما ان عملية قطع البطيخة في حد ذاتها تذكر المغتصب بقطعه وبتره من ارضنا ايضا, ناهيك عن الصمود والثبات التام ولو برفع البطيخ...اي ان قطع البطيخة اكثر عمقا ورمزية من مجرد رفع العلم.....
في غزوة مؤتة حمل "الراية"زيد قائد المسلمين,فاستشهد فحملها جعفر بن ابي طالب فقطعت يمينه ,فامسك الراية بشماله,فقطعت شماله,فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد,وقيل انه ظل محتضنا الراية حتى قطع جسده الى نصفين,برغم استشهاده لم تسقط الراية,بل حملها عبدالله بن رواحة فقاتل حتى استشهد,فحملها خالد بن الوليد حتى انتصر الجيش.....لكن نور اسقط العلم بكل بساطة وسطحية.....
بعض الاشياء قيمة في ذاتها,مطلق محقق بذاته,متجاوز للزمان والاشخاص ,يكسبنا المعنى والقيمة,لكن لا يدنسه قبحنا وضعفنا,شامخ يرفرف بذاته,نرى بسموه وعلوه ماينبغي لنا فننهض, العلم ليس خرقة او لونا بلا قيمة,العلم لا ينبغي ان يدنس ابدا,السماء وطنه,لابد ان يظل شامخا مرفوعا متواجدا فينا, سواء بقطع البطيخ ورفعه,او باستشهادنا جميعا.....من اين اتت اذا جيف نور وفئرانه وظلمته؟
من كفره بقضيته.... كفرنا باية قضية تجمعنا,تسقطنا جميعا في فردية ومادية مطلقة,تصغر مساحة القيم والثوابت,وتتضخم المنفعة والحقوق,نور ان غار عدو على وطنه,لربما فكر كثيرا في مشاركته باي دفاع,ولربما استعظم ان تهدر روحه لشعب كهذا, ثم كيف سيقاتل تحت علم لا يؤمن برفعه,اي راية سيرفعها حينها؟من لا ينفعل لعلمه لا يدافع عن ارضه,هذه امور كلية لا يصح تجزيئها,القضية هي من جعلت البطيخ سلاح وحققت الانتماء,القضية جعلت ابن عمر يصف جروح جعفر بقوله"ووجدنا في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية",القضية حائط صد ضد تمويعنا جميعا,شعب بلا قضية تجمعه مصيره السقوط,لكن يظل علمه شامخا,اعتز بعلمي وإن غيروه كل يوم,اعتز به وإن لونه كل حاكم ,افخر به ان احتوى هلالا او نسرا او نجوما,اعتز به حتى ان جعلوه خرقة بالية,اعتز به في ذاته,فهو يتجاوزنا جميعا,نمر عليه اجيالا وازمان,ويظل هو شامخا على الدوام وان تغيرت صوره,علمي هويتي وانتمائي دون تعبير للرمز,ان سقط انهزمنا جميعا....قضايانا تجعل من البطيخ سلاح,وتنطق الحجر....يتبع بوحي الحجر......